Skip to content

Commentaries
Arabic
رومية
  
3- إِبْرَاهِيْم وداود قُدْوَتان في بِرِّ الإِيْمَان
(رُوْمِيَة 4: 1-24)

أ: إيمان إِبْرَاهِيْم حُسِبَ لَهُ بِرّاً
(رُوْمِيَة4: 1-8)
الأَصْحَاح الرَّابع: 1فَمَاذَا نَقُولُ إِنَّ أَبَانَا إِبْرَاهِيْم قَدْ وَجَدَ حَسَبَ الْجَسَدِ.2لأَِنَّهُ إِنْ كَانَ إِبْرَاهِيْم قَدْ تَبَرَّرَ بِالأَعْمَال فَلَهُ فَخْرٌ. وَلَكِنْ لَيْسَ لَدَى اللهِ.3لأَِنَّهُ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ. فَآمَنَ إِبْرَاهِيْم بِاللهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا.4أَمَّا الَّذي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ.5وَأَمَّا الَّذي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرًّا.6كَمَا يَقُولُ دَاوُدُ أَيْضًا فِي تَطْوِيبِ الإِنْسَانِ الَّذي يَحْسِبُ لَهُ اللهُ بِرًّا بِدُونِ أَعْمَال.7طُوبَى لِلَّذِينَ غُفِرَتْ آثَامُهُمْ وَسُتِرَتْ خَطَايَاهُمْ.8طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذي لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خطيئة.


أراد بُوْلُس أن يساعد المُؤْمِنِيْنَ مِنْ أَصْلٍ يَهُوْدِيٍّ في روما على الإِيْمَان الحقّ بمستوى العَهْد الجَدِيْد، فاتَّخذ أباهم إِبْرَاهِيْم والنَّبي داود مثلَين لهم، ليُبرهن أنَّهما نالا الغُفْرَان بِوَاسِطَة إيمانهما، ليس لأجل أَعْمَالهما الصَّالحة.
عاش إِبْرَاهِيْم كأيِّ إنسانٍ آخَر. ولم يكن لا أفضل ولا أشرَّ من غيره. وعرف الرَّب آثامه الكثيرة وقلبه الفاسد. ولكنَّ العليم وجد في شوق عبده إليه استعداداً للطَّاعة الرُّوْحِيّة. فكلَّم الله إِبْرَاهِيْم مباشرةً، ودعاه إليه. وآمن هذا الشَّيخ البدويُّ بدعوة ربِّه، فلم يفهم مواعيد الله بكلّ أعماقها ومعانيها، ولكنَّه وثق بالله نفسه، بأنَّ كلمته صادقةٌ، وأنَّه أمينٌ في وعده. وبهذا الإِيْمَان أكرم الله ومجَّد اسمه. لم يفكِّر إِبْرَاهِيْم بقدرته الشَّخصية ولا بضعفه الصَّريح، بل اتَّكل على قوَّة الله وإمكانياته غير المحدودة. فاتِّكاله هذا وارتباطه الإِيْمَاني بالله أَخْمَدَا ظمأ قلبه.
لم يكن سبب بر إِبْرَاهِيْم فهمه العَقَائِدي، بل إيمانه الواثق المطلَق. فهو لم يكن بارّاً في نفسه، بل إنَّ إيمانه حُسِبَ لَهُ بِرّاً. كان خاطئاً مثلنا، لكنَّه استجاب لاختيار الله، وأصغى إلى كلمته باهتمام، وقَبل وعده مسلماً، وحفظه في نفسه المشتاقة.
نقرأ في الأَصْحَاح الرَّابع، مرَّاتٍ عديدةً، أنَّ هذا النَّوع مِن الإِيْمَان قد حُسب برّاً للمؤمِن. وقد أصبحت هذه العبارة "حُسِبَ لَهُ بِرّاً" شعار الإصلاح. فكُلّ مَن يُكرم الله بإيمانه، ويَقبل بشارة الصَّلِيْب، بدون قيد أو شرط، ويبني حياته على المَسِيْح، يتبرَّر تماماً، بدون أَعْمَال الشَّرِيْعَة، وبدون أيّ جهدٍ شخصيّ.
هل سمعت ما تقوله كلمة الله عن كذبك ونجاساتك وقلّة محبّتك؟ هل تؤمن أنَّ الدَّيْنُوْنَة ستقع عليك؟ هل أنت نادمٌ تائبٌ مستغفرٌ؟ إن انكسرت وتواضَعْتَ، يَرسم الرُّوْح القُدُس ابنَ الله المصلوب أمام عينيك، باسطاً يديه لك وقائلاً: "قد غفرتُ ذنبك. أنتَ لستَ صالحاً في ذاتك، أمَّا أنا فأُصلحك. لستَ طاهراً، أمَّا أنا فأُقدِّسُك إلى التَّمام.
هل سمعتَ كلمة الله؟ هل اخترقت كلمته أعماق ذهنك البليد، وقلبك القاسي، وروحك السَّطحي؟ اقبل قول ربِّك، وآمن بإِنْجِيْل الخلاص، وتمسَّك بالصَّلِيْب، فيعتبرك الله بارّاً حقّاً. أكرم المصلوب بإيمانك، فتتقدَّس بشركتك معه.
إنَّ الملك المرنِّم الملهَم داود، الَّذي كان خاطئاً، قد اختبر سرَّ التَّبرير الإلهي في نفسه. فهو لم يتكبَّر ويتعاظم بمزاميره الرَّائعة، ولم يتبرَّر بانتصاراته القاهرة، ولم يفتخر بصلواته الحارَّة ولا بتبرُّعاته السَّخيَّة، بل طوَّب الإنسان الَّذي ينال غُفران خطاياه من نعمة ربِّه. فالبِرُّ الموهوب لك فِيْ المَسِيْحِ هو أعظم هبةٍ مِن هِبَات الله.

الصَّلَاة
أيُّها الإله العظيم القُدُّوْس، نحمدك لأنَّك وهبت لنا كلمتك، متجسِّداً في ابنك، وعرَّفتنا بنعمتك المبرِّرة في صليبه. افتح آذاننا لنسمع مواعيدك، ونفهمها، ونؤمن بك. نَشْكُرُكَ لأنَّك برَّرتنا مجَّاناً مع جميع المتَّكلين عليك في كُلِّ مكان. ساعِد زُملاءنا على قبول هذه الدَّعوة واختبار قوَّة صليب ابنك.
السُّؤَال
كيف تبرَّر إِبْرَاهِيْم وداود؟