Skip to content

Commentaries
Arabic
رومية
  
8:3لأَِنَّهُ مَا كَانَ النَّاموس (شريعة موسى) عَاجِزًا عَنْهُ فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْجَسَدِ فَاللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الخطيئة وَلأَِجْلِ الخطيئة دَانَ الخطيئة فِي الْجَسَدِ4لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ النَّاموس (شريعة موسى) فِينَا نَحْنُ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ.5فَإِنَّ الَّذينَ هُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَبِمَا لِلْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ وَلَكِنَّ الَّذينَ حَسَبَ الرُّوحِ فَبِمَا لِلرُّوحِ.6لأَِنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ وَلَكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ.7لأَِنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعًا لِنَامُوسِ اللهِ لأَِنَّهُ أَيْضًا لاَ يَسْتَطِيعُ.8فَالَّذينَ هُمْ فِي الْجَسَدِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللَّهَ.


وضع المَسِيْح عهداً جديداً، لأنَّ العَهْد القَدِيْم كان عاجزاً، ولم يستطع أن يتغلَّب على الشَّهوات والخطيئة الَّتي في الجسد. فكان تجسُّد المَسِيْح انطلاقة العَهْد الجَدِيْد، والمرحلة الأولى مِن الانتصار الإلهي على الجسد البشري الضَّعيف، لأنَّ المَسِيْح استطاع، بالرُّوْح القُدُس السَّاكن فيه، أن يضبط جسده ضبطاً تامّاً، فلم يقدر الشَّرير أن يشتكي عليه، لأنَّه بحياته الطَّاهرة دان الخطيئة، وقيَّدها، وأماتها.
عاش المَسِيْح طوال حياته كلِّها قُدُّوْساً، لأنَّ روح أبيه السَّمَاوِيّ جعل الخطيئة ميتةً في جسده الموروث مِن أجداده، فلم توجَد فيه علَّةٌ. وتمَّم بمحبَّته ولُطفه مطالب الشَّرِيْعَة. وبلغ الذّروة في محبَّته ونكران ذاته حين رفع خطايانا وألقى بها على كتفيه، فحملها عنَّا ومات عنَّا، وشملنا ببرِّ الله في موته. إنَّ هذا التبرير الإلهي لا يتمُّ فينا بِوَاسِطَة إيمان نظري تقليديّ، بل يتحقَّق في الحَيَاة العمليَّة. إذ إنَّ برَّ الله هو محبَّته الشَّرعية المؤسَّسة على الحقِّ. وهذه المحبَّة العظيمة قد انسكبت في قلوب المُؤْمِنِيْنَ، كي يستطيعوا أن يقولوا: إنَّ المَسِيْح يسكن فينا، ويقودنا، ويُديرنا، ويدفعنا إلى إتمام الشَّرِيْعَة. فالمَسِيْحيّ لا يسلك بحسب الجسد وشهواته المفسدة، بل حسب الرُّوح ومقاصده، في الشُّكر والفرح والانفراج.
أمَّا السُّؤَال المبدئي الموجَّه إليك فهو: هل أنت إنسان الرُّوْح القُدُس؟ هل يسكن المَسِيْح فيك؟ هل فادي العالمين متمركزٌ في قلبك؟ هل برَّرك موته على الصَّلِيْب، حتَّى تسلك في جدَّة الحَيَاة؟ ليس الإِيْمَان ظنّاً، ولا تخيُّلات، بل هو قوَّةٌ روحيَّةٌ حيويَّةٌ، وحضورٌ إلهيٌّ في الأجساد المتبرِّرة.
يُعرَف الإنسان الرُّوْحِيّ مِن اهتمامه. فهو يهتم بالمسامحة والسَّلام. فهل أنت مِن صانعي السَّلام؟ وهل تحاول أن تنشر الصِّلح مع الله بين جميع النَّاس، ليتجدّد كثيرون، ويولد لله أولادٌ كثيرون، فتتحقَّق حياته الإلهيَّة في الجَسَدِيِّيْنَ، وتُصبح اهتماماتهم هم أيضاً روحيَّة؟
إن مَن يعش بدون روح الله، يبق جسدياً ضعيفاً معقَّداً، ويُصبح معتدياً فكراً وسلوكاً على الثَّالُوْث الأَقْدَس، أسيراً لشهواته وأمانيه الدّنيوية. وفي النهاية يرث غضب الله ودينونته العادلة. لا يريد الإنسان الجسدي أن يخضع لشريعة الرَّبّ، بل يثور ضدَّها بإرادته الحاقدة، فلا يُرضي الله، ولا يقدر أن يحبَّه، إن لم يَتُب، ويتغيَّر بانقلاب ذهنيّ، ويؤمن بالمَسِيْح. فالإنسان، بدون حلول الرُّوْح القُدُس في قلبه، ضالٌّ وساقطٌ مِن هلاكٍ إلى هلاكٍ. بتعبيرٍ آخَر: إنَّ كلَّ إنسانٍ يخلو قلبه من الروح المحب، هو إنسانٌ لا يخصّ المَسِيْح، بل هو عبدٌ لإبليس.
أمَّا الإنسان الرُّوْحِيّ فهو إنسانٌ واعٍ، يُحافظ على سلام الله الموهوب له، ويُحبّ أعداءه، ويلتمس يوميّاً مِن الله قوَّته وحمايته، ويريد مِن كلِّ قلبه أن يجذب جميع النَّاس إلى يسوع منبع الحَيَاة والسَّلام، كي لا يهلكوا، بل تكون لهم الحَيَاة الأَبَدِيَّة. فهل أصبحتَ إنساناً مُمْتَلِئاً بروح الله، ومدفوعاً منه إلى زملائك، محقِّقاً محبَّته بعيداً عن الغرور والعجرفة؟

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يسوع، الإله المُحِبّ، إنَّ عقولنا صغيرةٌ، فلا نُدرك روحك ومحبَّتك مِنْ تِلْقَاءِ أنفسنا. ولكنَّك بفرط نعمتك قد ملأتنا بصبرك وصفاتك، لنسبِّحك مع الآب والرُّوْح القُدُس، ونُتمِّم مشيئتك بفرح ومودَّة. احفظنا في سلامك كي نتبعك بقوَّة روحك؛ وامنحنا الحكمة والإرادة كي ندعو جميع الجَسَدِيِّيْنَ إلى الخضوع لك، فيخلصوا، ويتغيَّروا، ويتقدَّسوا حقّاً.
السُّؤَال
ما هو اهتمام الإنسان الرُّوْحِيّ، وما هو إرث الجَسَدِيِّيْنَ؟