Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
26:24وَبَيْنَمَا هُوَ يَحْتَجُّ بِهذَا، قَالَ فَسْتُوسُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: "أَنْتَ تَهْذِي يَا بُولُسُ! الْكُتُبُ الْكَثِيرَةُ تُحَّوِلُكَ إِلَى الْهَذَيَانِ"25فَقَالَ: "لَسْتُ أَهْذِي أَيُّهَا الْعَزِيزُ فَسْتُوسُ، بَلْ أَنْطِقُ بِكَلِمَاتِ الصِّدْقِ وَالصَّحْوِ26لأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ هذِهِ الأُمُورِ، عَالِمٌ الْمَلِكُ الَّذِي أُكَلِّمُهُ جِهَاراً، إِذْ أَنَا لَسْتُ أُصَدِّقُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ، لأَنَّ هذَا لَمْ يُفْعَلْ فِي زَاوِيَةٍ27أَتُؤْمِنُ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ بِالأَنْبِيَاءِ؟ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ تُؤْمِنُ"28فَقَالَ أَغْرِيبَاسُ لِبُولُسَ: "بِقَلِيلٍ تُقْنِعُنِي أَنْ أَصِيرَ مَسِيحِيّاً"29فَقَالَ بُولُسُ: "كُنْتُ أُصَلِّي إِلَى اللّهِ أَنَّهُ بِقَلِيلٍ وَبِكَثِيرٍ، لَيْسَ أَنْتَ فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً جَمِيعُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَنِي الْيَوْمَ، يَصِيرُونَ هكَذَا كَمَا أَنَا، مَا خَلا هذِهِ الْقُيُودَ".30فَلَمَّا قَالَ هذَا قَامَ الْمَلِكُ وَالْوَالِي وَبَرْنِيكِي وَالْجَالِسُونَ مَعَهُمْ،31وَانْصَرَفُوا وَهُمْ يُكَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً قَائِلِينَ: "إِنَّ هذَا الإِنْسَانَ لَيْسَ يَفْعَلُ شَيْئاً يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ أَوِ الْقُيُودَ"32وَقَالَ أَغْرِيبَاسُ لِفَسْتُوسَ: "كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُطْلَقَ هذَا الإِنْسَانُ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ رَفَعَ دَعْوَاهُ إِلَى قَيْصَرَ".


أدرك الوالي الفخور أنَّ بولس سمَّى بكلماته السابقة كلَّ آلهة الرومان واليونان ظلمة، وأبرز المسيح كنور العالم الوحيد، وكان هذا صعب الاحتمال على الوالي المتعجرف، لأنّ الأسير قال أمامه إِنَّ ميتاً قد أضحى مخلّصاً للعالم، وهو أقوى مِن القيصر، وألمع مِن كلّ آلهة الدنيا؛ فصرخ فستوس بصوت عالٍ أمام الحضور، قائلاً: أنت تهذي يا بولس، وقد تجاوزت مقياس أفكارك. فتأمُّلاتك التَّوراتيَّة وصَلَواتُكَ المستمرَّة قد جعلت عينيك تغبشان.
فهم بولس أَنَّ الوالي لم يقدر أن يفهمه، لأنّه ليس أحد يستطيع أن يدعو يسوع ربّاً إلا بالرّوح القدس، فجاوب ذلك الفخور: أنا لستُ مجنوناً، بل أتكلّم بتأنّ وبحذر الحقّ عينهِ، فلست غارقاً بالتحمّس، ولا مأخوذاً بغيبوبة، بل أثبت في حقيقة المسيح، الّذي هو حيٌّ ومجيدٌ. وفجأةً أشار بولس للملك أغريباس، وجعله شاهداً، أنّه يعلم كلّ هذه الأمور، لأنّ كلّ يهودي كان عالماً أنّ يسوع الناصري قد صُلب والمسيحيون يشهدون بقيامته فرحين.
وكلّم بولس الأسير الملك المتعجرف أمام حاشيته شخصيّاً، وسأله بالصواب: هل تؤمن أنت بالإنجيل المذكور في الأنبياء؟ هل تعترف بالمسيح مُعذّباً ومُقاماً مِن الأموات حسب التوراة؟ وأبصر بولس كيف اضطرب قلب الملك، ولم يغلط نفسه تجاه الحقّ المعلن في العهد القديم، ولم يجب بحرف. فقال الرسول عوضاً عن المتباطئ في الإجابة: أنا أعلم أيُّها الملك أنّك تؤمن. لقد كان بولس نبيّاً، وقرأ أفكار الملك، وجذبه إلى الاعتراف بإيمانه. ولكنَّ هذا الملك استمرَّ متباطئاً، وخجل مِن الجمهور، وقال متمتماً: لعلّني صرت مؤمناً وإن أتممتَ قولك تُقنعني، وتملأ رأسي بأفكارك، فأسقط فريسة لمسيحك.
عندئذ تهلّل بولس في قلبه، لمّا رأى عمل الرّوح القدس في فؤاد ملك أمّته، وصرخ: لست أنا الأسير، بل أنتم العبيد في خطاياكم. تعالوا إلى يسوع المخلّص، فهو يحرّركم. فأنا حرٌّ رغم قيودي. ليتَ الله يمنحك أيّها الملك الامتلاء بالرّوح القدس مع أختك برنيكي، والوالي الروماني، وكلّ الضباط والموظفين ووجهاء قيصرية.
فواجه بولسُ الجميعَ وهاجمهم بمحبّته. كانت كلماته ناراً ساطية. وخرجت مِن عينيه أشعة رحمة. فلقد امتلأ مِن الرّوح القدس.
عندئذ قام الملك ولم يُجب بشيء، لأنّ قوّة الإنجيل أصابته، وحرّكت ضميره، وكلّ الحضور لاحظوا أنّ بولس رجلٌ مستقيمٌ، وشهدوا ببراءته فليس أحدٌ ترك قاعة المحاكمة، إلاّ وقد تأثّر بهذا الاحتجاج الغريب، حيث أدان الأسير المفتشين، وأصاب كلّ القلوب بكلمة الله. وقال الملك أخيراً متأثّراً بالجو: لقد كان ممكنا أن نطلق هذا الإنسان، ولكنّه طلب بنفسه نقل محاكمته إلى حضرة القيصر؛ فعلينا إرساله إلى روما. وهذا الجواب الملكي لم يعنِ أنّ بولس كان حقّاً سيطلق حُرّاً لولا طلبه المثول أمام القيصر، لأنّ المجلس اليهودي الأعلى لم يوافق قَطّ على تخلية سبيله والوالي فستوس كان مضطراً أن يتعاون مع نوّاب الشعب، فبقي بولس أسير رومية حسب إرادة ربّه الحيّ.

الصَّلَاة
أيّها الرّبّ يسوع المسيح، نسجد لك، لأنّك حيّ. وقَد فَديت كلّ تائب. ساعدنا لننقل برّك وحقّنا إلى كلّ الأنحاء، لكي يَخلص كثيرون مِن خطاياهم، ويتحرّروا مِن سلطة الشيطان العنيفة. املأنا بصبر وعزم روحك القدّوس، لكي نتقدّم بجرأة وتواضع مُنادين بإنجيلك العظيم.