لم يُنكر بُوْلُس الفرق الظَّاهر بين اليهودي والوثني، لأنَّ الأوَّل لم يرتكب الخطايا عمداً، بل عاش تحت ضغط النَّاموس (شريعة موسى) في التَّقوى وضبط النَّفس، بينما مارس الوثنيُّون في حفلاتهم التَّعبدية الزِّنى الجماعي، كما اعتقدوا بوجود آلهة متعدِّدة كانوا يظنُّون أنَّها هي أيضاً تتعاشر وتتعايش بالزِّنى والفحشاء. فثمَّة فرقٌ شاسعٌ بين أعضاء العهد القديم وهؤلاء الوثنيِّين البعيدين عن الله الواحد.
بَيْدَ أنَّ هذا المستوى مِن التَّقوى لم يُبرِّر اليهودي أمام الله، لأنَّه بالنَّاموس (شريعة موسى) معرفة الخطيئة واليأس، وليس قوَّة القَدَاسَة والخلاص. فلو استطاع النَّاموس (شريعة موسى) أن يُخلِّص إنساناً واحداً، لَكان مجيء المسيح غير ضروري. ولكنَّ المسيح بمجيئه رفع خطيئة العالم، وكفَّر عن فحشاء الأمم، وطهَّر آل إبراهيم في آنٍ واحدٍ، لأنَّه لا خلاص بالنَّاموس (شريعة موسى) والأَعْمَال، بل دينونة وهلاك.
كان لكلام بُوْلُس هذا وَقْعُ الصَّاعقة على الجمع في أَنْطَاكِيَة. وأثبت الرُّوْح القُدُس الحقَّ للقلوب، لأنَّ الخلاص الفريد يتحقَّق فينا بالتصاقنا الإيماني بالمسيح. فمَن يرتبط بيسوع يتبرَّر أمام الله؛ لأنَّ المسيح كما رفع خطايانا حسب لنا برّه مجّاناً. فإيمانك هو الَّذي خلَّصك، وليس جهودك الدِّينية أو الخيريَّة.