Skip to content

Commentaries
Arabic
غلاطية
  
2:17فَإِنْ كُنَّا وَنَحْنُ طَالِبُونَ أَنْ نَتَبَرَّرَ فِي الْمَسِيحِ نُوجَدُ نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضًا خُطَاةً أَفَالْمَسِيحُ خَادِمٌ لِلْخَطِيئةِ. حَاشَا.18فَإِنِّي إِنْ كُنْتُ أَبْنِي أَيْضًا هَذَا الَّذي قَدْ هَدَمْتُهُ فَإِنِّي أُظْهِرُ نَفْسِي مُتَعَدِّيًا.19لأَِنِّي مُتُّ بِالنَّاموس (شريعة موسى) لِلنَّامُوسِ لأَِحْيَا لِلَّهِ.


نظر بُوْلُس باهتمامٍ إلى بطرس والنَّاموس (شريعة موسى)يّين (شريعة موسى) حوله والإِخْوَة مِن الأُمم، وقال للجمع المتزعزع: إنَّ الَّذين يفتكرون أنَّ البِرَّ الَّذي أعدَّه المسيح لأجلنا لا يكفي، ويظنُّون أنَّ عليهم أن يُضيفوا عملاً لتكميل فدائه بواسطة خدماتهم البشريَّة، هم الَّذين يشهدون، بخداع أنفسهم، أنَّهم ما زالوا خطاةً محتاجين إلى التَّبرير، وأنَّ المسيح لم يصل فيهم إلى الغلبة التَّامة. فمَن يهتمّ بأحكام الطعام والشراب، قاصداً تطهير نفسه داخلياً بوضوءات خارجيَّة، يُقرُّ بتصرُّفاته هذه، أنَّ المسيح لم يَغلب الخطيئة تماماً، بل إنَّ الخطيئة أقوى منه، ومنتصرة عليه، كأنَّما الرَّبّ خادم الخطيئة. فعدم الإيمان بالنِّعْمَة الكاملة هو تجديفٌ على المسيح. إنَّ كثيراً من المَسِيْحِيّين اليوم يُعرجون بين النَّاموس (شريعة موسى) والنِّعْمَة، غير عالمين أنَّهم بعدم تسليمهم الكامل للنِّعمة يُنْقِصون مِن شأن المسيح ومِن مَجده.
هجر بُوْلُس بيتَ النَّاموس (شريعة موسى) لأنَّه اختبر جوَّه الضَّيق الخانق، فهدم في قلبه أسوار السِّجن الَّذي كان مُطبقاً عليه سابقاً، ولم يَقبل بَعد أن يعيش في دور الشَّريعة، لأنَّ مراياها أظهرته متعدِّياً هالكاً، فانتقل مِن محكمة الشريعة إلى رحاب المسيح وثبت فيها. لم يشأ بناء البيت القديم، لأنَّ التَّمسك بأيِّ وصيَّةٍ من أحكام النَّاموس (شريعة موسى) معناه الحُكم المطلَق على المتمسِّك بها.
وهكذا مات بُوْلُس بالنَّاموس (شريعة موسى) عن كبريائه، وتخلَّى عن تعليقه الآمال على برِّه الشَّخصي، ورأى نفسه مُداناً ومرفوضاً في غضب الله. فكلُّ مَن يبني نفسه على الشَّريعة لا رجاء له، بل يعيش مرائياً خادماً نفسه.
والعجيب أنَّ هذه المعرفة الَّتي لم تجد سبيلها إلى بُوْلُس طوال مدَّة حياته الَّتي قضاها كناموسيٍّ، قد تجلَّت له فجأةً بظهور المسيح له في المجد. عِنْدَئِذٍ أدرك حالة نفسه، فتحطَّم اعتقاده بالنَّاموس (شريعة موسى)، وعلم أنَّ اجتهاداته كلَّها لم تُقرِّبه مِن الله، بل جعلَته عدوّاً لابنه. وبإدراكه هذه الحقيقة الجوهريَّة انقلب على البِرِّ النَّاموس (شريعة موسى) أيّ المزيَّف، وتمسَّك بالنِّعْمَة المُبرِّرة مجَّاناً بدم المسيح. فلم يؤمن بعد بأَجْرٍ أو مكافأةٍ إلهيَّةٍ على أَعْمَاله الصاَّلحة، بل عاش لله متبرِّراً بالنِّعْمَة.