Skip to content

Commentaries
Arabic
غلاطية
  
1- المؤمِن وحده ينال هبة الرُّوْح القُدُس
(غلاطية 3: 1- 5)
3:1أَيُّهَا الْغَلاَطِيُّوْنَ الأَغْبِيَاءُ مَنْ رَقَاكُمْ حَتَّى لاَ تُذْعِنُوا لِلْحَقِّ أَنْتُمُ الَّذينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ مَصْلُوبًا.2أُرِيدُ أَنْ أَتَعَلَّمَ مِنْكُمْ هَذَا فَقَطْ أَبِأَعْمَال النَّاموس (شريعة موسى) أَخَذْتُمُ الرُّوحَ أَمْ بِخَبَرِ الإِيمَانِ.3أَهَكَذَا أَنْتُمُ أَغْبِيَاءُ. أَبَعْد َمَا ابْتَدَأْتُمْ بِالرُّوحِ تُكَمِّلُونَ الآنَ بِالْجَسَدِ.4أَهَذَا الْمِقْدَارَ احْتَمَلْتُمْ عَبَثًا إِنْ كَانَ عَبَثًا.5فَالَّذي يَمْنَحُكُمُ الرُّوحَ وَيَعْمَلُ قُوَّاتٍ فِيكُمْ أَبِأَعْمَال النَّاموس (شريعة موسى) أَمْ بِخَبَرِ الإِيمَانِ.


بعدَما قدَّم بُوْلُس الرَّسُوْل، في الأَصْحَاحين الأوَّلَين، لكنائسه المضطربة، بُرهاناً تاريخيّاً على سُلطانه الرَّسُوْلي، وصِحَّة إِنْجِيْله، ابتدأ يُعلِّمهم بالتَّفصيل كيف أنَّ الإيمان وحده هو الَّذي يُبرِّر الإنسان أمام الله، وليس سلوكه، ولا سيرته، ولا حفظه للطُّقوس والشَّرائع. كانت الكنائس الغَلاَطِيَّة نشيطةً وحيويَّةً في مرحلتها الأولى، ولكنَّها ضعفَت فجأةً، وكأنَّ عيناً شرِّيرةً قد أصابتها، فاضمحلَّت الرُّؤية الثَّاقبة، وتمييز الأرواح، والإيمان الشُّجاع؛ ودخلت الشُّكوك والتَّساؤلات حول مبدأ الإيمان.
لم يسمع الغَلاَطِيُّوْنَ في كرازة بُوْلُس قَطّ حضّاً على الأَعْمَال الإنسانيَّة الصَّالحة، أو الخضوع للنَّواميس كشرطٍ للعهد الجديد. بل إنَّه رسم لمستمعيه ابن الله مصلوباً أمام أعينهم، كما عُلِّق على خَشَبَة العار، وكفَّر عن خطايا العالم. فهل المصلوب هو شُغل حياتك الشَّاغل، أم أنَّ لك أهدافاً أخرى؟ لا تدَع صورته وهو فاتحٌ ذراعيه لأجلك تُبارح ذهنك، فهو ملجأك الوحيد في هذه الدُّنيا، وشفيعك الوحيد في الآخرة.
إنَّ كلَّ مَن يعترف بخطاياه أمام المسيح، ويؤمن بنيابته عنَّا في غضب الله، يتقدَّس، وينال هِبة حياة الله في عطيَّة الرُّوْح القُدُس. ما أعظم قُرب الله مِنَّا، فروح الرَّبّ هو الرَّبّ نفسه. وهذا الرُّوح القُدُّوْس يحلُّ فينا، ليس لأيِّ صلاحٍ فينا، بل بالعكس، لأنَّنا نعترف بخُبثنا وعدم صلاحنا؛ فتجعلنا قوَّة الله صالحين وممتلئين مِن المحبَّة الأزليَّة.
إنَّ حلول الرُّوْح القُدُس في الإنسان هو نتيجةٌ لموت المسيح. فمنذ أن رفع المصلوب خطايا العالم، لم يوجد بعد ما يمنع إتيان الرُّوح المعزِّي إلى التَّائبين. لكنَّ هذا الروح القُدُّوْس لا يحلُّ في غير المؤمنين بابن الله وكفَّارته. فمَن يؤمن بالابن له الحَيَاة، ومَن لا يؤمن بالابن ليست له الحَيَاة. ومَن يُحبّ المُحِبَّ يتغيَّر إلى محبَّته.
هل امتزجَت حياتك بالرُّوْح القُدُس؟ إنَّه لا يُقدِّسك شكليّاً بأساليب خارجيَّةٍ، كالامتناع عن الشُّرب واللَّعب ومجاراة التَّيار والأزياء وغير ذلك، لأن ليس ثمَّة ما يُطهِّرك سوى دم المسيح وروحه القُدُّوْس. فالمسيح هو قداستنا.
وإذ يحلُّ روح الرَّبّ في المؤمن المتبرِّر، فإنَّه يُقدِّسه إلى التَّمام, ويُغيِّر ذهنه وتصرُّفاته، ويقوده إلى أَعْمَال المحبَّة. فأهمُّ سؤالٍ في حياتك الإيمانيَّة هو: هل حلَّ الرُّوْح القُدُس في قلبك؟
لا تتهرَّب مِن هذا السُّؤَال الجوهري، بل اسأل ربَّك مُصلِّياً: أين أنا في حالتي الرُّوْحِيّة؟
وإن سألتنا كيف نحصل على قوَّة الله، نُجاوب: إنَّ إيمانك يُوحِّدك بابن الله الحنون الَّذي يَبثُّ فيك جوهره. فبدون التصاقك بالمسيح طوعاً وإلى الأبد، لا يَثبت الرُّوْح القُدُس فيك. فلا تَغْتَرّ، لأنَّك إن لم تُكرِّس حياتك كاملةً لمخلِّصك المصلوب فلن تختبر قوَّة روحه، حتَّى وإن عرفتَ الكِتَاب المُقَدَّس عن ظهر قلب، ووُلِدْتَ مسيحيّاً، وتعمَّدْتَ شكليّاً. إنَّ إيمانك هو الَّذي يُخلِّصك، وإيمانك هو استسلامك النِّهائي والمُطْلَق ليسوع المسيح ربِّك.
إنَّ الشَّيْطَان يُجرِّب القدِّيسين في المسيح، بحثِّهم على مطاوعاتٍ لم يَدْعُهُم المسيح إلى ممارستها، وكأنَّ الصَّلِيْب لا يكفيهم، أو أنَّ قَدَاسَة الرُّوح تحتاج إلى إضافة بشريَّة. فلا تنسَ أيُّها الأخ المحبوب أنَّ بالإيمان وحده أعطاك الله قوَّة روحه. آمِن فقط، فتنفتح طاقات السَّماء لك.
إنَّ المؤمنين النَّاضجين ليسوا بمعصومين مِن هذه التَّجربة، فهُم وإنْ تغلَّبوا على الاضطهادات، عُرضةٌ للسُّقوط أحياناً في تجربة تقديس ذواتهم مهينين بذلك موت المسيح. وثمَّة موهوبون بالقدرة على الشِّفاء والصَّلاَة الفعَّالة يعثرون في التَّساؤل حول كيفيَّة موت المسيح لأجل تقديسهم.

الصَّلَاة
أيُّها الآب، نشكرك لأنَّك صالحتَ العالم بذبيحة ابنك، وبرَّرتَنا، وقدَّستَنا تماماً في موته. نسجد لك كأمواتٍ أحيَيْتَهُم بروحك القُدُّوْس، ونطلب إليك أن تحفظنا مع جميع قدِّيسيك مِن محاولات تقديس أنفسنا بأنفسنا، بواسطة القوانين والشَّرائع والأحكام البشريَّة، لكي لا نُهِين عظمة صليب ابنك الَّذي كمَّلنا بالفداء مرَّةً واحدةً إلى الأبَد.
السُّؤَال
كيف نَخْلُص؟