Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
1:3جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي


أخي العزيز، دع الإِنْجِيْل يوسِّع عقلك، ويشرح صدرك، فتعلم أنَّ المسيح خلق الأكوان بانسجامٍ مع أبيه، وهو يحمل كلَّ شيءٍ بكلمته القديرة، وقد تألَّم لخلاصك، وسيُكمل الكون لأنَّه وارث الله. فنحن لا شيء بدون ابن الله، وبدونه لا نكون. وهو الباب الوحيد إلى الله. لقد خلقك وطهَّرك، ويُريد أن يُقدِّسك إِلَى التَّمَامِ. فمتى تُسلِّم نفسك إلى عنايته؟ هل هو هدف أفكارك، وغاية شُكرك، وربُّك الذي تسجد له؟
ليس المسيح ميتاً، بل هو حيٌّ. لم يتفتَّت في القبر، بل قام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، وصعد ظافراً إلى أبيه، ولبس مجده القديم الذي كان له قبل تأسيس العالم. إنَّ ربَّنا يسوع المسيح قُدُّوْس وممتلئٌ محبَّةً، وكيانه محور العالم. هو أعظم مِن جميع الملوك والزُّعماء والفلاسفة، لأنَّه ربُّ المجد الذي يستحقُّ وحده أن يكون قبلة أنظارنا ومحور اهتمامنا. وكلُّ مَن يعيش بدون ابن الله هو غبيٌّ وجاهلٌ، لأنَّ المسيح المجيد هو همزة الوصل بيننا وبين الله العظيم. والرُّوْح القُدُس يُعلن لنا هذه الحقيقة، ويُثبِّتها في قلوبنا، مُظهراً لنا بهاء المسيح وقوَّته وحقَّه.
أين المسيح اليوم؟ إنَّه عند أبيه في السَّماوات، جالسٌ معه على عرش المجد. ويدلُّنا جلوسه هذا على أنَّه قد أتمَّ فداء العالم. فهو ليس جائلاً، بل جالساً لأنَّه قد أكمل خدمته الخلاصيَّة.
ولم يجلس الابن بعد قيامته عن يسار الله، بل عن يمينه، لأنَّ الآب أكرم الابن إكراماً يفوق إدراكنا، وأجلسه في مكان الإكرام، لأنَّ المصلوب قد أكمل كلَّ بِرٍّ، حين حمل طوعاً دينونة الدَّيان العادل للبشر الخطاة، فصار منعزلاً كي ندخل نحن الشركة مع الله، صار مرفوضاً كي نصير نحن مقبولين عند الله، ذاق الموت لِيهَب لنا الحياة. ولأنَّه وضع نفسه، رفعه الله، وأعطاه اسماً فوق كلِّ اسمٍ. فهل تعرف ما هو هذا الاسم المجيد ليسوع؟ إنَّه ربّ المجد القدير.
فالمسيح يعيش في انسجامٍ تامٍّ مع الله، قريباً منه وواحداً فيه. ولا انزعاج ولا اضطراب هناك، لأنَّ الابن لم يعِش لِذاته، بل ضحَّى بنفسه لأجل أعداء الله. فالسِّر في الثَّالُوْث الأَقْدَس هو إنكار الذَّات والتَّواضُع. هكذا تَثبت الوحدة كاملةً قُدُّوْسةً، وهي عبارةٌ عن المحبَّة.
لقد حصل الابن على كتاب تاريخ مستقبل العالم مختوماً، وله السُّلطان أن يفكَّ اليومَ الختوم، ويُكمل تدريجيّاً تاريخ عالمنا والعوالم الأخرى جميعاً. تعمَّق في رؤيا يُوْحَنَّا، فتعرف ماذا يفعل المسيح اليوم. لا ريب في أنَّنا نعيش الآن في الأيَّام الأخيرة من عمر البشريَّة البالغ حوالي 12 مليار سنة؛ فقد نضجت كرتنا الأرضيَّة للهلاك، وأفسد الإنسان الماء والهواء والتُّراب، وكبرت الطَّاقة التَّفجيرية للقنابل الهيدروجينيَّة حتَّى بلغت أربعين ألف طن من الدِّيناميت مقابل كلِّ واحدٍ مِن سكَّان العالم. فالشُّعوب البعيدة عن الله تُبيد ذاتها، والإلحاد يُخربها ويُفنيها.
أمَّا نحن فعالمون أنَّ يسوع المسيح هو شفيعنا عند الله. وقد برَّرَنا، وأحلَّ روحَه فينا. وهو ينوب عنَّا بصلواته. وإنَّنا نحيا وندوم إكراماً لخدمته الكَهَنُوْتيَّة. فدم ذبيحته يتكلَّم لأجلنا. وهذه الشَّفاعة هي بهاء مجده.
فمَن هو المسيح اليوم؟ إنَّه ليس روحاً مرفرفاً متبخِّراً، ولا واعظاً جائلاً محتقَراً، ولا مصلوباً ملعوناً مِن الله والناس، ولا جثَّةً متفسِّخةً في القبر؛ بل هو شخصٌ كائنٌ حيٌّ حاضرٌ مباركٌ أبديٌّ. لقد صعد المسيح إلى السَّماء، وأثبت اتِّحاده بالله، وهو يملك وإيَّاه الكونَ، لأنَّه القُدُّوْس المجيد المُحبُّ الرَّحيم.
هل تُحبُّ ابن الله؟ هل أصبح ابن الله محور بيتك، وربَّ مهنتك، ومرافقك في فُرصك؟ هل سلَّمتَ له مفاتيح خزائن قلبك، ليُطهِّرك ويُقدِّسك إِلَى التَّمَامِ؟ إنَّ المسيح هو رئيس الكهنة للناس أجمعين، والملك الإلهي للكون كلِّه في آنٍ معاً. هو المنتصر. فهل تقف إلى جانبه، أم تُعاديه؟

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ المسيح، أنت ربُّ المجد، ورئيس الكهنة، وشفيعنا عند الآب. نَسْجُدُ لَكَ، ونُعظِّم جلالك، ونُسلِّم لك حياتنا ومشاكلنا وارتباطاتنا. لقد غفرتَ ذنوبنا، وتُطهِّر أفكارنا وأجسادنا. قدِّسْنا إِلَى التَّمَامِ كي نصبح حمداً لعظمة محبَّتك.
السُّؤَال
ماذا يعني جلوس يسوع عن يمين الآب؟