Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
1- الدَّعوةُ إلى الثَّبَاتِ في الإيمان والرَّجاء والمحبَّة بناءً على كَهَنُوْت المسيح العظيم
(10: 19- 25)
10:19فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى الأَقْدَاسِ بِدَمِ يَسُوعَ20طَرِيقًا كَرَّسَهُ لَنَا حَدِيثًا حَيًّا بِالْحِجَابِ أَيْ جَسَدِهِ21وَكَاهِنٌ عَظِيمٌ عَلَى بَيْتِ اللهِ


يُوضح لنا كَاتِب هَذِهِ الرِّسَالَةِ في الأصحاحين 3 و 4 هدف البشر، وهو دخولهم إلى راحة الله؛ ويُحذِّر الناس مِن إخطاء الهدف، ويحثُّهم على الاستعداد لملاقاة الله.
وهو يطمئننا الآن بأنَّ قسَم لعنة الله لا يصيبنا فيما بعد، بل لنا ثقةٌ مسرورةٌ ورجاءٌ غالبٌ بِالدُّخُولِ إلى قداسة حضرة الله والمكوث في راحة الأبديَّة. وهذا الامتياز يخصُّ إخوة المسيح الذين أصبحوا بِوَاسِطَةِ الولادة الثَّانية أعضاء في عائلة الله. فلهم الحقُّ دائماً في التَّقدُّم إلى أبيهم الذي دعاهم إلى الثَّبات فيه وهو فيهم.
لم يكن لأحدٍ فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ الحقُّ في دخول قدس الأَقْدَاسِ، باستثناء رئيس الكهنة الذي كان له هذا الامتياز مرَّةً واحدةً فقط كلَّ سنةٍ بعد تقديم الذَّبائح في يوم الكفَّارة. فكان يقترب إلى عرش الله مُحاطاً ببخار البخور، في ظلمات قدس الأقداس. أمَّا نحن فأصبحنا أولاد الله في النُّور. ولنا الحقُّ في التَّقدُّم إلى أبينا كلَّ لحظةٍ. وهذا الامتياز هو فِيْ الوَقْتِ نَفْسِهِ فريضةٌ مقدَّسةٌ، لأنَّنا أصبحنا كهنة الله أيضاً، نقترب إليه دائماً لنيل بركةٍ للآخرين. فبات واضحاً بهذا أنَّ الصَّلاَة والإيمان والرَّجاء فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ هي على مستوى أعلى ممَّا كانت فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ. فنحن لسنا عبيداً للنَّاموس، بل أبناءً أحراراً في النِّعمة.
كيف حصل هذا التَّغيير المبدئي، فأصبحنا كهنةً نتقدَّم إلى الله في كلِّ حينٍ، ونُكلِّمه كأبينا؟ يذكر الوَاعِظ كَاتِب هَذِهِ الرِّسَالَةِ إلى العِبْرَانِيِّيْنَ خلاصة تعليمه في أربع نقاطٍ هامَّةٍ تُوضِح لنا الملك العظيم في كنيسة المسيح، وأسس هذه الكنيسة، والامتيازات التي بُني عليها العهد الجديد:
1- لقد وجدنا المدخل إلى قدس الأقداس، وهو يسوع، الباب المؤدِّي إلى الله. لا يتقدَّم أحدٌ إلى الله إلاَّ بِيَسُوْعَ، كما قال هو نفسه: "لَيْسَ أَحَدٌ يَأتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي". فمِن هذه الكلمة نعلم أنَّ لا دين ولا مذهب يقود الإنسان إلى الله إلاَّ شخص يسوع وحده. وطريق المسيح طريقٌ مُحْيٍ، وليس سبيلاً إلى الموت كجميع النواميس والشَّرائع التي هي في الواقع مُميتةٌ. أمَّا المسيح فهو الطريق الحق الممتلئ قوَّةً وحياةً ورجاءً وفرحاً وتشجيعاً. إنَّ طريق المسيح لا يعتق ولا يتهدَّم، بل هو دائماً جديدٌ، لأنَّ ابن الله قد كرَّسه شخصيّاً.
2- إنَّ سرَّ هذا الطَّريق الحق وقدومنا إلى الله هو دم المسيح الأقدس. فهل ساعدَتكَ دراسة الرِّسَالَة إلى العِبْرَانِيِّيْنَ، يا أخي العزيز، على فهم معاني دم المسيح وفعاليته؟ بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ. قد يَظهر لك هذا الفِكر غريباً في عصرنا التكنولوجي. ولكنَّنا لا نزال نرى في عصرنا هذا عائلاتٍ غير مؤمنة، مرتبطة بالثَّأر والانتقام، يفترس بعضها بعضاً، لأنَّ كلَّ فريقٍ يشعر بأنَّ مِن واجبه أن يقتل أفراد الفريق الآخَر. إنَّنا حتَّى في عصرنا هذا نُدرك معنى ضرورة سفك الدَّم وغسل العار. أمَّا الله فهو قُدُّوْس، ونحن مُذنبون في عيوبنا وعارنا، ومحكومٌ علينا بالهلاك جزاءً لتعدِّياتنا وإحقاقاً لحقِّ الله العادل في قداسته. ولكنَّنا نحمد الله على أنَّ المسيح حلَّ محلَّنا ومات عوضاً عنَّا. فالله لم يُمِتْنا نحن الأشرار، بل أمات ابنه القُدُّوْس لكي نحيا نحن. فدم المسيح وحده يُحرِّرنا مِن الهلاك في غضب الله. والمسيح قد غسل عارنا وعيوبنا نهائيّاً بموته.
3- إنَّما الذي يرفض دم المسيح يهلك، لأنَّه يرفض محبَّة الله. فلهذا المجدِّف يُصبح المسيح الحجاب الذي يحجب الطَّريق إلى الله. فلا قدوم إلى القُدُّوْس إلاَّ بالمسيح. ومَن يأكل جسده ويشرب دمه لا يدخل إلى دينونةٍ، بل قد دخل إلى المسيح، وصار جزءاً منه. ويثبت فيه خاصَّةً لربِّه. أمَّا مَن يرفض المسيح، فيأخذه الله ويجعله موطئاً لقدمي ابنه. فالثَّائرون لا يتقدَّمون إلى قدس الأقداس، بل يبقون خارجاً حيث تركمهم مَلاَئِكَة الدَّيْنُوْنَة. لقد أصبح جسد المسيح المذبوح لأجلهم الحجاب الفاصل، بينما صار لنا سبباً للقدوم إلى الله. فلنا الحقُّ أن ندخل إلى المسيح، ونثبت في رحابه، ونقبل روحه، ونتعمَّق في كلمته لكي نعيش حقّاً. وكما انشقَّ الحجاب الذي أمام قدس الأقداس لحظة موت المسيح، هكذا أصبح المسيح مدخلاً إلى الله، كالباب المفتوح على مصراعيه. ولكن للأسف، كما خاط الكهنة في زمن يسوع الحجاب الممزَّق قطعتين، هكذا يُحاول بعض الأديان وبعض الكنائس اليوم أن يقفلوا الطَّريق المفتوح إلى الله مرَّةً أخرى بِوَاسِطَةِ نواميسهم وطقوسهم. أمَّا نحن فلا نتمسَّك إلاَّ بالنِّعمة، فيظلّ الباب مفتوحاً.
4- ومَن يدخل اليوم إلى قدس الأقداس لا يجد الله المجيد وحده، بل يسوع المسيح أيضاً، رئيس الكهنة العظيم الذي صالح بيت الله كلَّه مع القُدُّوْس الحق. فالمؤمنون بالمسيح على مذهب موسى، وأعضاء بيت يسوع مِن الأُمم هم جميعهم بيت الله، إذ إنَّهم دخلوا بجسد المسيح، وبه يتقدَّمون إلى الله. إنَّ يسوع حيٌّ، وهو ليس روحاً غير محدود، بل هو شخصٌ معيَّنٌ يُقدِّم دمه، كرئيس الكهنة، لأجلنا، ويُكملنا بشفاعته. وهذه الخدمة الكَهَنُوْتيَّة هي اليوم عمل المسيح في السَّماء. لعلَّك تُفضِّل أن تسمع عن المسيح أنَّه ملك الملوك وربُّ الأرباب، المالك على أجناد ملائكته، مُدبِّر العالم وغالب الشَّيطان وضابط الكلِّ. يا أخي، إنَّ انتصارات المَلاَئِكَة تتمُّ على أساس دم المسيح وشفاعته. فخدمة يسوع الكَهَنُوْتيَّة أهمُّ مِن تدبير السُّلطة، لأنَّ وظيفة المصالحة هي مفتاح مستقبل الكون. ولهذا السَّبب أبرز كَاتِب الرِّسَالَةِ يسوع كرئيس الكهنة العظيم الذي مِن شفاعته نحيا، وعلى توسُّطه يتوقَّف استمرار العالم.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ المسيح، نَشْكُرُكَ لأنَّك أنت الطَّريق والباب الوحيد المؤدِّي إلى الله. نُعظِّمك لأنَّك متَّ لأجلنا، فنحيا مِن نعمتك. ولستَ حجاباً مقفولاً أمامنا، بل مدخلاً مفتوحاً إلى الله لا يحول حائلٌ بيننا وبينه. اجذبنا إليك لنسجد لأبينا في شركتك، ونُدرك كيف تنوب عنَّا عنده، وتُديم العالم بِوَاسِطَةِ إبراز ذبيحتك. نُحبُّك لأجل خدمتك الكَهَنُوْتيَّة، ونطلب جريان قوى دمك في كنائسنا وعائلاتنا وأنفسنا.
السُّؤَال
ما هي الامتيازات الأربعة التي تُتيح للمسيحيِّين الدُّخول إلى الله؟