Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
هـ: أمثلةٌ لانتصار المؤمنين وآلامهم مِن داود وما بعد
(11: 32- 40)
11:32وَمَاذَا أَقُولُ أَيْضًا لأَِنَّهُ يُعْوِزُنِي الْوَقْتُ إِنْ أَخْبَرْتُ عَنْ جِدْعَوْنَ وَبَارَاقَ وَشَمْشُونَ وَيَفْتَاحَ وَدَاوُدَ وَصَمُوئِيلَ وَالأَنْبِيَاءِ33الَّذِينَ بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ صَنَعُوا بِرًّا نَالُوا مَوَاعِيدَ سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ34أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ تَقَوَّوْا مِنْ ضَعْفٍ صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ.35أَخَذَتْ نِسَاءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بِقِيَامَةٍ.


قال يسوع إنَّ كلَّ شيءٍ ممكنٌ للمؤمن. ويُريد كَاتِب الرِّسَالَةِ حضَّ كنيسته على الثِّقَةِ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانِ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى؛ فيُعدِّد لكنيسته الأسماء المعروفة لديها مِن التَّاريخ الإلهيِّ، ويربط ستَّة أشخاصٍ مذكورين وآخرين لم يُسمّوا بعشرة أعمال معجزةٍ للإيمان. وهي تحثُّنا على الشَّركة مع المسيح بطريقةٍ عُليا إلى إيمانٍ أعظم:
1- لقد قهر إبراهيم وموسى وجدعون وداود ممالك وجيوشاً. فكان موسى يُصلِّي بدون انقطاعٍ أثناء المعركة حتَّى أسند رجاله يدَيه المرفوعتَين كيلا تكلاَّ، وعِنْدَئِذٍ انتصر شعبه. وغلب جدعون جحافلَ المديانيِّين بأقلِّيةٍ منتخبةٍ مؤلَّفةٍ مِن ثلاثمائة رجلٍ، وكان سلاحه جراراً فارغةً. وغلب داود جليات رغم ضعفه بِوَاسِطَةِ اتِّكاله على الرَّب الذي جعله شعاراً لجميع انتصاراته الأخرى. هكذا تستطيع الكنيسة أن تغلب المجتمع روحيّاً بِوَاسِطَةِ الإيمان، وتقهر أجناد الشَّر بروح المحبَّة، وتسلب قرى ومدناً مِن الكفر والإلحاد. فالله يصنع بِوَاسِطَةِ إيمانك المستمرِّ انتصاراتٍ. وإن لم يتمَّ نصره فلاَ بُدَّ مِن أن يتمَّ، وإلاَّ فثمَّة ضعفٌ في إيماننا.
2- والإيمان مرتبطٌ بالبرِّ عند الله والناس. فبِوَاسِطَةِ المصالحة مع الله نتبرَّر ونتَّصل به. فمَن يَقبَل بِرَّ المسيح مؤمناً يُصبح سفيراً للبرِّ الإلهي، ويُقاوم بتقواه جميع أنواع الظُّلم والكذب والنَّجاسة. يستطيع المؤمنون أن يُغيِّروا وجه التَّاريخ بإيمانهم. والله يُريد أن يتحقَّق برُّه على الأرض بِوَاسِطَةِ سيرة إيماننا. ويتطلَّب هذا المبدأ تسليمنا إليه وضبط النَّفس واكتفاءنا بما عندنا، حتَّى يعمل الله بِوَاسِطَةِ ضعفنا مجداً وقداسةً حولنا.
3- وسرُّ الإيمان هو الاستماع للمواعيد. فلا رجاء بدون وحيٍ، ولا إيمان بدون وحيٍ. فحين يستعدُّ الإنسان لله بخضوعٍ، يسمع كلامه. والرَّب اختار عبيده، وأغدق عليهم نبوَّاته، وأملى عليهم كلمات العهد القديم للإيمان كي تتحقَّق المواعيد في إطاعة ثقتهم. وكتابنا المقدَّس حافلٌ بالمواعيد. وكلام يسوع ورسله يفيض بالشَّهادة عن تحقيق هذه المواعيد. والإيمان ينال قوَّةً عظيمةً، ويصنع عجائب، ويشعر بتدخُّل الله، ويعمل مع ربِّه، لأنَّ المسيح يعمل اليوم بِوَاسِطَةِ مؤمنيه، ويُتمِّم مواعيده بأمانةٍ.
4- لقد سدَّ شمشون وداود ودانيال أفواه الأسود، ليس بقوَّتهم، بل بجرأة إيمانهم المدعَّم بقوَّة الله. واختبر دانيال بطريقةٍ خارقةٍ كيف انتصر ملاك الرَّب لأجل إيمانه، ونجَّاه مِن الهلاك. فقد فضَّل النَّبي الموتَ على أن يُنكر ربَّه الذي لم يرَه، ورفض السُّجود لتمثال الذَّهب المكشوف لعينيه، فخلَّصه ربُّه مِن جبِّ الأسود علانيةً.
5- وقبل هذه الحادثة، صار لدانيال وأصدقائه برهانٌ لإيمانهم عظيمٌ، حين مشَوا في أتون النَّار سالِمين. فغلب ملاك الرَّب بإيمانهم قدرة النَّار، ورافقهم وسط جحيم اللَّهَب، حتَّى خرجوا بدون أذىً مِن الأتون. فما كانوا آلهةً، ولكنَّهم آمنوا بالله، واتَّكلوا عليه كلِّياً، وتمسَّكوا بالذي لم يرَوه.
6- لقد حفظ الرَّب كثيراً مِن عبيده مِن السَّيف والموت. واختبر موسى وإيليَّا وإِرْمِيَا والآخرون حمايته رغم غيظ الملوك. ولا يستطيع إنسانٌ أن يقتل إنساناً آخَر إلاَّ بمعرفة الله وإذنه، كما أوضح المسيح لبيلاطس قائلا: "لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ."
فالله يحفظ خادمه، الذي يكون أميناً بشهادته، إلى منتهى خدمته. ولا يستطيع مرضٌ أو عدوٌّ أو شرٌّ أن يخطفه مِن يد الرَّب. فلماذا نخاف مِن الناس؟ إنَّ المسيح يأمرنا بأن نكون شهوداً لاسمه.
7- صار شمشون ضعيفاً بسبب خطيَّته، لأنَّه أحبَّ النِّساء أكثر مِن الله. فاضمحلَّت قوَّته، وصار أسيراً عند أعدائه. ولكن بعد التَّأمُّل والتَّوبة لمدَّةٍ طويلةٍ قوَّه ربُّه وأعدَّه لانتصارٍ جديدٍ. فسبب انتصار رُسُل الرَّب ليس قداستهم، بل انكسارهم الرُّوحي وإيمانهم الشُّجاع والتفاتهم إلى الرَّب الحيِّ.
8- كان داود صغير القامة. أمَّا جليات فكان مِن الجبابرة الكبار الذي في اعتماده المُطلَق على نفسه استهزأ بداود وربِّه وسخر منهما. كانت لديه أسلحةٌ حديثةٌ، وبدا كأنَّه لا يُغلَب. وشهد داود بضعفه، وعدم مهارته في القتال. إنَّما اسم الرَّب أحاطه، وقوَّة الأزلي أرشدَت يدَه، فأصاب الجبَّارَ في جبينه إصابةً قاتلةً سقط على أثرها هذا الجبَّار المستكبر، لأنَّ الصَّغير الضَّعيف اتَّكل على ربِّه الذي نصرَه.
9- والإيمان مرتبطٌ بالكفاح، لأنَّ أجناد الشَّر يهجمون علينا. ولكنَّ أليشع فتح عيني خادمه ليرى جيوش المَلاَئِكَة النَّارية المحيطة بهم. وشهد له بالقاعدة المبدئيَّة للإيمان: "إِنَّ الَّذِينَ مَعَنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ عَلَيْنَا". فإطاعة الإيمان المتيقِّنة بحضور الله وقدرته هي الدَّافع إلى جميع الانتصارات الرُّوحية في مَلَكُوْت الرَّب.
10- وحتَّى الموت نفسه قد اضمحلَّ في العهدين القديم والجديد، حيث جذب الرَّب عبيده إلى الإيمان والانتصار. فإيليَّا وبطرس وبولس أقاموا أمواتاً بِوَاسِطَةِ صلوات إيمانهم. فلم يبقَ إيمانهم متعلِّقاً بالمنظور، بل اخترق غير المنظور أيضاً. وهذا الارتباط بالله يغلب الشَّيطان والموت والخطيَّة. والمسيح نفسه هو المنتصر الظَّافر الذي غلب الموت شخصيّاً، وجرَّد الشَّيطان، وغلب جميع التَّجارب لأجل محبَّة إيمانه. استمِع إليه وهو يقول مِن خبرته الخاصَّة: "إِنْ آمَنْتِ تَرَيْنَ مَجْدَ اللَّهِ".

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ المسيح، أُعظِّمك لأنَّك بدأت فيَّ الإيمان القويَّ، وأُحبُّك بِوَاسِطَةِ النِّعمة الموهوبة لي. اغفر لي كلَّ مَيلْ إلى الأنانية، وحرِّرني مِن ذاتي كي أومن إيماناً أمينا،ً وأُمجِّد اسمك في كلِّ حينٍ، وأنتظر بشوقٍ مجيء مَلَكُوْتك. علِّمني الثِّقة الثَّابتة بحضورك في كلِّ لحظةٍ مِن حياتنا، فلا أنتصر أنا، بل أنت فيَّ وحولي، ويتمجَّد اسمك دائماً بِوَاسِطَةِ نصرتك.
السُّؤَال
ماذا تعلَّمتَ مِن الدَّلائل على انتصارات المؤمنين؟