Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
اَلأَصْحَاحُ الْخَامِسُ 1لأِنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ مَأْخُوذٍ مِنَ النَّاسِ يُقَامُ لأِجْلِ النَّاسِ فِي مَا لِلَّهِ لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ عَنِ الْخَطَايَا2قَادِرًا أَنْ يَتَرَفَّقَ بِالْجُهَّالِ وَالضَّالِّينَ إِذْ هُوَ أَيْضًا مُحَاطٌ بِالضَّعْفِ.3وَلِهَذَا الضَّعْفِ يَلْتَزِمُ أَنَّهُ كَمَا يُقَدِّمُ عَنِ الْخَطَايَا لأِجْلِ الشَّعْبِ هَكَذَا أَيْضًا لأَِجْلِ نَفْسِهِ.


لقد نسي الجيل الجديد أنَّ الله غاضبٌ على فساد البشر. ونسي المؤمنون ذلك أيضاً، لأنَّه منذ الموت سقطت عنهم تقدمات الذَّبائح. فذبيحة المسيح الفريدة أبطلَت جميع التَّقدمات الأُخرى، وألغَت جميع الرُّتب الكَهَنُوْتيَّة نهائيّاً.
فيليق بنا أن نفتكر أنَّ الله في الماضي اختار إنساناً وعيَّنه وأفرزه للخدمة الفريدة كرئيس للكهنة. وهو ما كان صالحاً في ذاته، ولكنَّه قدَّس نفسه لله بحسب الطُّقوس آنَذَاكَ؛ ولم يعِش لذاته بل لربِّه الذي دعاه. ما أجمل خدمة رئيس الكهنة المُصالِح الله والنَّاس!
وجعل الرَّب القُدُّوْس هذا الكاهن الرَّئيس خادماً للبشر كيلا يزولوا في غضب ربِّهم بل يبقوا. فعبَّر الاختيار لخدمة رئيس الكهنة عن أعظم نعمةٍ مِن الله، لأنَّ الناموس يُهلكنا. أمَّا الخدمة الكَهَنُوْتيَّة فوُجدَت فيها أنظمةٌ مختلفةٌ للذَّبائح. فقدَّم الناس عطايا مِن ثمار حقولهم، أو ذهباً مِن أرباحهم التِّجاريَّة شُكراً وحَمداً لله؛ كما قدَّموا الأضاحي الدَّمويَّة للتَّكفير عن الخطايا. فلم يكن غريباً أن تشاهد رجلاً يجرُّ وراءه تيساً إلى الهيكل ليذبحه هناك، ويسلخ جلده، ويقطعه إرباً. وكان الذين يرونه في الطَّريق يُدركون أنَّ هذا الخاطئ يتقدَّم إلى الله بقربانه لأجل خطيَّةٍ معيَّنةٍ كان عليه أن يموت لأجلها؛ ولكنَّه عوضاً عن نفسه يقتل هذا الحيوان ليحيا هو بِوَاسِطَةِ سفك دمه. فالذَّبيحة وحدها هي التي كانت تُصالح الخاطئ مع الله، وتُقدِّس المذنب، وتهب للمستحق الموت الحياة. وكانت كلُّ خطيَّةٍ معروفةٍ تقتضي ذبيحةً معيَّنةً. ففكِّر جيِّداً كم مِن حيوانٍ كان يَنْبَغِي لك أن تذبح في حياتك، لولا تحويل المسيح غضبَ الله عنك، وتحريرك مِن فريضة الذَّبائح!
كان على رئيس الكهنة، إلى جانب حرق الذّبائح والتَّقدمات، أن يتمتَّع بفضيلة الرَّحمة للخطاة، لأنَّ الإنسان بطبيعته يحقد على الآخَرين لأتفه الأسباب. ولاَ بُدَّ مِن حلول دينونة الله على جميع فجور الناس. أمَّا الشَّرط الأساسيُّ المطلوب مِن كاهن الله فهو الرِّثاء الذي يجعله يترفَّق بالضُّعفاء. فعليه ألاَّ يرفضهم أو يُبغضهم، بل أن يرحمهم ويكون لطيفاً معهم، كما تحنَّن يسوع على الشَّعب المبدَّد الضَّالِّ. فالرِّثاء والرَّحمة والحنان هي جوهر صفات رئيس الكهنة الصَّحيح. فيا أخي العزيز، هل قلبك قاسٍٍ وتحتقر الغوغاء، أم قلبك رحيمٌ ونفسك حنونةٌ؟
وكانت رأفة رئيس الكهنة محدودةً ومقتصرةً على الجهلاء الذي يُخطئون سهواً وبدون معرفة الله. وكانت تشمل أيضاً الضَّالين المنفصلين عن الله عن غير قصدٍ. ومع أنَّ الخطيَّتين تتأصَّلان في عدم إيمانٍ، وهما خطيَّتان تامَّتان تستوجبان الموت، إلاَّ أنَّهما لا تُعتبَران ثورةً على الله أو عصياناً هادفاً أو تجديفاً متعمَّداً. أمَّا الخطايا المرتكبَة بقبضةٍ مرتفعةٍ في وجه الله فليس لها غفران، بل إنَّها تستوجب الهلاك. ولا تقدر أيُّ ذبيحةٍ أن تُكفِّر عن عصيان الخالق المتعمَّد.
وكلُّ رئيس كهنةٍ كان إنساناً خاطئاً محتاجاً إلى الذَّبائح للتَّكفير عن نفسه. فما كان يقدر أن يتقدَّم إلى الله لأجل الآخرين قبل أن يُطهِّر نفسه أوَّلاً. فبالنِّسبة إلى قداسة الله كان هو مذنباً أيضاً. وهذا هو الفرق المبدئيُّ بين المسيح وجميع الكهنة: أنَّ يسوع، رغم ضعف جسده كإنسانٍ، لم يُخطئ مثل الآخرين. وفي هذه الحالة يظهر مجد المسيح. فابن الله أصبح ابن الإنسان، لأنَّ ما مِن إنسانٍ يقدر أن يكون قدِّيساً مِن ذاته إلاَّ هو القادر المقتدر. فكان وحده المؤهَّل والمستحقّ أن يصالح الله مع الناس نهائيّاً. وكان مجيء المسيح هو الحلّ الوحيد لمشكلة البشر، فبدونه لا يوجد خلاصٌ. وكلُّ دينٍ لا يُقرُّ بألوهية يسوع هو دينٌ ناقصٌ لا يعرف سلطان الشَّر في الإنسان، ولا يفهم متطلّبات قداسة الله. أمَّا نحن فنجد في تجسُّد ابن الله وذبيحته على الصَّلِيْب سلاماً مع إلهنا.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ المسيح، نَشْكُرُكَ لأنَّك رئيس الكهنة. نَشْكُرُكَ لأنَّك بقيت رغم ضعف جسدك قُدُّوْساً، لك قلبٌ شفوقٌ، ترثي وتتحنَّن علينا ولا ترفضنا، بل تُبارك كلَّ تائبٍ ومنكسر القلب. ارحمني أنا أيضاً، وارفعني إليك، وأعِدْنِي إلى الشَّركة مع الله.
السُّؤَال
ما هي الصِّفات الواجب توفُّرها في رئيس الكهنة؟