Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
5:4وَلاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ هَذِهِ الْوَظِيفَةَ بِنَفْسِهِ بَلِ الْمَدْعُوُّ مِنَ اللهِ كَمَا هَرُونُ أَيْضًا.5كَذَلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضًا لَمْ يُمَجِّدْ نَفْسَهُ لِيَصِيرَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ بَلِ الَّذِي قَالَ لَهُ أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ.6كَمَا يَقُولُ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آَخَرَ أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَِى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِيْ صَادَقَ.


يقودنا كَاتِب الرِّسَالَةِ إلى العِبْرَانِيِّيْنَ، بكلماتٍ موجزةٍ، إلى مدرسة معرفة يسوع، ويدلُّنا على أصل خدمته الكَهَنُوْتيَّة وإتمامها وثمارها.
فماذا كان مجد رئيس الكهنة؟ كان له امتيازٌ وحقٌّ أن يتقدَّم كإنسانٍ وحيدٍ مختارٍ إلى الله بدم الذَّبيحة ليُصالح الجميع مع القُدُّوْس. ولا يقدر أحدٌ أن يتحمَّل هذه المَسْؤُوْليَّة والخطورة مِن تلقاء نفسه. فلا يستحقُّ أحدٌ أن يصير رئيس كهنةٍ إلاَّ إذا دعاه الله شخصيّاً.
وكان أوَّل رئيس كهنةٍ تعيَّن هو هرون أخو موسى. وبما أنَّ موسى أتى بالناموس، فقد مارس الآخر المصالحة. أمَّا أختهما مريم فكانت نبيَّةً أنبأت بمستقبل الأمَّة والشُّعوب. فكانوا معاً عائلةً مقدَّسةً. وحمل هرون أسماء أسباط شعبه الاثني عشر منقوشةً في اثنتي عشرة جوهرة علَّقها بعقدٍ على صدره، دلالةً على أنَّه يحملهم أمام الله للمصالحة. فما أحسنه مِن رمزٍ لكلِّ مُصلٍّ! وعَلَى الرَّغْمِ مِن جلال هرون، كان المسيح أعظم منه بما لا يُقارَن. وتظهَر هذه المفاضلة في كلِّ مكانٍ مِن الرِّسَالَة إلى العِبْرَانِيِّيْنَ، لأنَّ يسوع أتمَّ أنظمة الكَهَنُوْت كلَّها منذ ولادته ودعوته وتقديم حياته ذبيحةً، حتَّى صعوده إلى السَّماء تثبيتاً لخدمته الكَهَنُوْتيَّة إِلَِى الأَبَدِ.
لم يجعل يسوع نفسه رئيس كهنةٍ، ولم يُعظِّم ذاته كسائر الناس، بل تواضع كما يليق للروح القدس. فعيَّنه أبوه منذ ولادته، قبل جميع الدُّهور، كاهناً كاملاً، لأنَّ الله نفسه مسالمٌ مصالحٌ غفورٌ مُخلصٌ في جوهره، وليس مُهلكاً جبَّاراً قاسياً. ولهذا السَّبب كان يسوع، على أساس أرومته الإلهيَّة، مستحقّاً وحده أن يكون الكاهن الفريد للبشر. فكانت هذه الوظيفة له من الأزل إِلَِى الأَبَدِ. ولهذه الغاية أصبح إنساناً. وكانت معموديَّته مسحاً للموت. وفي بستان جثسيماني وافق على تحقيق تعيينه، وأكمل ذبيحته على الصَّلِيْب. واليوم يُمارس الكاهنُ العظيمُ شفاعتَه لأجلنا عند الله مُكلَّلاً بكلِّ مجدٍ. فمن الضَّروريِّ أن نُدرك أنَّ المسيح كان ويكون وسيكون بكلِّ إرادته وجوهره وأعماله رئيس الكهنة لخلاص العالم. فلهذه الغاية ولده الله روحاً مِن روحه وجسداً مِن أجسادنا.
والمزمور 110 هو مزمور عيد الجلوس على العرش في السَّماء، حيث قال الرَّب لربِّنا: "اجلس عن يميني على كُرسيِّي المُعَدِّ لك منذ الدُّهور". وهذا المزمور المدهش ينتهي بالنُّبوَّة أنَّ الرَّب يسوع هو نفسه الكاهن العظيم. فهو ملكٌ وكاهنٌ في وقتٍ واحدٍ، مِمَّا يدلُّ على أرومةٍ أخرى غير أرومة اللاَّوِيِّيْنَ وهرون. فكان يسوع كاهناً عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِيْ صَادَقَ، الإنسان الذي لا نعرف أصله ولا حياته، ولكنَّه كان رمزاً للمسيح، حاملاً في ذاته الصِّفات البارزة كاهناً ملوكيّاً وملكاً كَهَنُوْتيّاً، خادماً أمام الله لمباركة البشر مثل المسيح.