Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
3- إنَّ كَهَنُوْت الرَّب يسوع يقتضي تغيير النَّاموس القديم الباطل إلى قوَّة الحياة الأبديَّة
(7: 11- 19)
7:11فَلَوْ كَانَ بِالْكَهَنُوْتِ اللاَّوِيِّ كَمَالٌ. إِذِ الشَّعْبُ أَخَذَ النَّامُوسَ عَلَيْهِ. مَاذَا كَانَتِ الْحَاجَةُ بَعْدُ إِلَى أَنْ يَقُومَ كَاهِنٌ آخَرُ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِيْ صَادَقَ وَلاَ يُقَالُ عَلَى رُتْبَةِ هَارُونَ.12لأَِنَّهُ إِنْ تَغَيَّرَ الْكَهَنُوْتُ فَبِالضَّرُورَةِ يَصِيرُ تَغَيُّرٌ لِلنَّامُوسِ أَيْضًا.13لأَِنَّ الَّذِي يُقَالُ عَنْهُ هَذَا كَانَ شَرِيكًا فِي سِبْطٍ آخَرَ لَمْ يُلاَزِمْ أَحَدٌ مِنْهُ الْمَذْبَحَ.14فَإِنَّهُ وَاضِحٌ أَنَّ رَبَّنَا قَدْ طَلَعَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ عَنْهُ مُوسَى شَيْئًا مِنْ جِهَةِ الْكَهَنُوْتِ.15وَذَلِكَ أَكْثَرُ وُضُوحاً أَيْضًا إِنْ كَانَ عَلَى شِبْهِ مَلْكِيْ صَادَقَ يَقُومُ كَاهِنٌ آخَرُ16قَدْ صَارَ لَيْسَ بِحَسَبِ نَامُوسِ وَصِيَّةٍ جَسَدِيَّةٍ بَلْ بِحَسَبِ قُوَّةِ حَيَاةٍ لاَ تَزُولُ.17لأَِنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّكَ كَاهِنٌ إِلَِى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِيْ صَادَقَ


أوضح الرُّوْح القُدُس لكَاتِب الرِّسَالَةِ إلى العِبْرَانِيِّيْنَ قسَم الله المذكور في المزمور 110: 4 حيث خاطب الله مسيحه قائلاً: "أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ, أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَِى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِيْ صَادَقَ". فأدرك الوَاعِظ أنَّ الله لم يُعلن لداود بمجيء المسيح ظهور كاهنٍ جديدٍ فحسْب، بل مَن سيُزال بمجيئه النِّظام الكَهَنُوْتيُّ القديم كلُّه. فكيف تكون ثمَّة حاجةٌ إلى كاهنٍ جديدٍ لو أنَّ الكَهَنُوْت القديم كان كافياً؟ لقد حفظ الله السَّلام مع شعبه بِوَاسِطَةِ أنظمة كَهَنُوْتيَّة وكهنة متتابعين حتَّى مجيء المسيح. وبمجيء المسيح ظهر كاهنٌ جديدٌ، ليس مِن سبط لاوي، بل هو الملك الرَّبُّ نفسُه الذي بدأ كَهَنُوْتاً جديداً أتمَّ متطلّباته بذبيحةٍ واحدةٍ كاملةٍ أبديَّةٍ.
إنَّ هذا التَّغيير في الكَهَنُوْت يقتضي تغييراً للنَّاموس أيضاً (الآية 12). فالرُّوْح القُدُس هزَّ بمواعيده أسس شعب العهد القديم. وكانت الأنظمة الكَهَنُوْتيَّة جزءاً هامّاً مِن النَّاموس، وفيه تترتَّب المصالحة بين الله والشَّعب. وبمجيء الكاهن الجديد بأنظمة وطرق جديدة، رأى الوَاعِظ سقوط الناموس القديم كلِّه.
وفِيْ الوَقْتِ نَفْسِهِ رأى كَاتِب الرِّسَالَةِ في المسيح رئيسَ الكهنة، المشترع، الملك، القاضي الأزلي؛ حتَّى إنَّ أقسام السُّلطة على شعبه تتجمَّع كلّها في يده تجمُّعاً كاملاً. فالمسيح هو الرَّب الكامل، ومِن قداسة محبَّته تجري قوى وأنظمة وبركات لا تضغط علينا ولا يستحيل تطبيقها، بل هي حقٌّ أبديٌّ وتمنحنا قداسةً تامَّةً.
لم يكن يسوع لاويّاً، وكانت هذه أكبر عثرةٍ للمسيحيِّين مِن اليهود المنحدرين مِن الأرومة الكَهَنُوْتيَّة. كان يسوع مِن السِّبط الملوكي، ولهذا السَّبب استخدم كَاتِب الرِّسَالَةِ قبل كلِّ شيءٍ المزمور 110 الذي يُقدِّم ربَّنا ملكاً إلهيّاً وكاهناً أزليّاً في شخصٍ واحدٍ. فهو كاهنٌ ملوكيٌّ ممتلئٌ بالسُّلطان الإلهي.
ولربِّنا صفةٌ تُعزِّينا حتَّى في الموت، وهي أنَّ حياته غير قابلةٍ للفناء، فهو لا يموت ولا ينتهي. وما أحوجنا اليوم، في عصر الحروب النَّوويَّة والكيميائيَّة، إلى تعزية الحياة الأبديَّة! الناس كلُّهم عبيد الموت، ويخافون منه. ولكن منذ قيامة المسيح مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ نَعْلم أنَّ حياته غير قابلة للفساد، فهو حيٌّ. وإيماننا ليس رسالةً للموت، بل بشرى للحياة، كما قال يسوع: "أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا. 26 وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيّاً وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَِى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنُ بِهَذَا؟" (يُوْحَنَّا 11: 25- 26). إنَّ ربَّنا حيٌّ، وهدف مجيئه هو إشراكنا في حياته الأبديَّة. وقد لخَّص يُوْحَنَّا إِنْجِيْله الشَّهير بالعبارة: "وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِه"ِ (يُوْحَنَّا 20: 31).
وسِرُّ الحياة الأبديَّة هو كمال المسيح. والناموس فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ يَطلب هذا الكمال مِنَّا، إذ قال الله: "كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَِنِّي أَنَا قُدُّوْس". ولكنْ لم يبلغ أيُّ إنسانٍ أو كاهنٍ هذا الهدف السَّامي، وحتَّى طقوس الشَّعب القديم كانت ناقصةً وغير قادرةٍ على تكميلنا. كما لم يستطع الآباء في سيناء تحقيقه، رغم قبولهم الناموس ككتاب للعهد بعزمٍ وثباتٍ، فسقطوا مِن خطيَّةٍ إلى أُخرى، وكانت النَّتيجة حاجتهم إلى ذبائح ليلاً نهاراً، لأنَّ الناموس لم يتنازل عن متطلّبات الكمال. أمَّا المسيح فطهَّر ضمائرنا تماماً، وأكمل عوضاً عنَّا الناموس، وكان قُدُّوْساً في سيرته الدُّنْيَوِية. وتمشِّياً مع نعمته أشركنا بكماله، ومنحنا برَّه وروحه وقوَّته كي نتمكَّن باستحقاقه أن نُكمل المحبَّة في القداسة والطَّهارة وراحة الضَّمير.
فأشرق برئيس الكهنة الجديد عصرٌ جديدٌ، عصر الكمال. ولم ينتج هذا بفضل قدرة الإنسان وإمكانياته الدُّنْيَوِية، بل صدر مِن المسيح وحده. فلا حاجة لنا إلى الناموس القديم المنتهي، لأنَّ الوصيَّة الجديدة ظهرَت بمحبَّة الله في المسيح الذي شملنا بقداسة لطفه وطهَّرنا بدمه الطَّاهر. إنَّنا نتهلَّل ونفرح لأنَّنا أصبحنا أعضاء في هذا العصر الجديد، حاملين ناموس المحبَّة في قلوبنا، ونائلين القدرة يوميّاً على أن نُحبَّ أعداءنا ونُباركهم.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ المسيح، أنت المُنعِم الحقُّ والكاهن القدير الذي يُوقفنا على محبَّة الله، كيلا ننغمس في حبِّنا الأناني، بل نَقبل حقَّك وبرَّك وكمالك ولطفك، فنعيش منه وفيه. نُعظِّمك لأنَّك أدخلتَنا إلى العصر الجديد. املأنا بروح قوَّتك كي نلتزم دستور محبَّتك.
السُّؤَال
لماذا اضمحلَّت قيمة الناموس القديم؟