Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
14:18لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ.19بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ يَرَانِي الْعَالَمُ أَيْضاً وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي. إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ.20فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي وَأَنْتُمْ فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ.


أخبر يَسُوع تلاميذه، بعدَما خرج الخائن مِن حلقتهم، أنَّه سيُفارقهم قريباً، ولن يستطيعوا أن يتبعوه إلى حيث يمضي. ولكنَّه أوضح بعدئذٍ أنَّه لن يتركهم طويلاً، بل سيرجع إليهم. فقد شعر يَسُوع بالرُّعب الَّذي سيطر على تلاميذه الذين كانوا ينظرون إليه نظرة طفلٍ إلى والده الَّذي فارق الحياة أمامه. فأكَّد الرَّبُّ لتلاميذه الحزانى أنَّه سيرجع إليهم شخصيّاً. وقصد بقوله هذا معنيَين: الأوَّل حلول الرُّوْح القُدُس، لأنَّ الرَّبّ هو الرُّوح. والثَّانِي مجيئه في المجد في آخر الأيام. ولأجل الظُّهورَين كان لا بُدَّ له مِن أن يترك العالم ويذهب إلى أبيه. فبدون تركه عالمنا لا يستطيع الرُّوْح القُدُس أن يأتي إلينا.
وهذا الروح هو الذي يفتح أعين قلوبنا، فندرك عندئذٍ أنَّ يَسُوع لم يبقَ في القبر كسائر النَّاس، بل أنَّه حيٌّ موجودٌ كائنٌ عند الآب. فحياة المَسِيْح هي أساس الكون وأساس خلاصنا. وهو بغلبته للموت أعطانا الحياة، كي نغلب نحنُ بدورنا الموتَ بالإيمان، ونعيش في بِرِّ المَسِيْح إلى الأبَد. فدينُنا هو دين الحياة المملوء رجاءً وفرحاً.
وهذا الرُّوح المُعزِّي الحيوي الصَّادق هو روح الله الَّذي يأتي ليحلَّ فينا نحن الصِّغار الفانين، ويُقنعنا أنَّ الابن في الآب، والآب في الابن، في وحدةٍ تامَّةٍ. ولكنَّ هذه المعرفة الرُّوحِيّة للثالوث الأقدس ليست كعلم الرياضيات، بل تتجسَّد مباشرةً في المؤمن، حتَّى نتَّحد بالله اتِّحاد يَسُوع به. إنَّ هذه الأسرار في الرُّوْح القُدُس تفوق إدراكنا البشري. ولذلك يؤكِّد المُعزِّي الإلهي لنا أنَّ اتِّحادَنا بيَسُوع عمليٌّ حَقِيْقِيّ مُفعَمٌ بالحياة.
هل أنت "في المَسِيْح"، وقد متَّ عن كبريائك، وعشتَ لتمجيد ربِّك؟ هل انكسرت لكبريائك وأنانيتك وذاتك، فانعتقتَ في بوتقة محبَّته متجاهلاً ذاتك، وناسياً اسمك، كي لا يراك النَّاس، بل يروه هو وحده، ولا أحد سواه؟ هل تعترف بجرأةٍ وراحة ضميرٍ بأنَّ يَسُوع قد حلَّ بملء محبَّته وتواضعه فيك؟ هل تؤمِن بحضور مُخلِّصك في قلبك؟ إنَّ الرُّوْح القُدُس يوضح لك هذه العجائب وينوِّرك، فترى الحقائق الإلهيَّة كما لو ضغطتَ على الزّر الكهربائي في غرفةٍ مظلمةٍ، فظهرَت الغرفة أمام ناظريك فجأةً بكلِّ دقائقها وتفاصيلها.
لكن، احترس. فالرَّبُّ لم يقُل: "إنِّي أُريد أن أسكن فيك وحدك"، بل "أحلُّ فيكم معاً". فالمَسِيْحي ليس هو بمفرده هيكل الله، بل هو أشبه بحجرٍ حيٍّ في هذا المسكن الإلهي. لأنَّ حلول الرُّوْح القُدُس يشترك فيه جميع المَسِيْحيِّين. والرَّبُّ أعطانا هذا الوعد في صيغة الجمع: "أنتم فيَّ وأنا فيكم". فشركة القدِّيسين، أي الكنيسة، هي المكان الَّذي يُعلن المَسِيْح فيه اليوم ذاته. هل لاحظتَ أنَّ الرَّبَّ بهذا الوعد نفسه يُتمِّم أيضاً وصيَّته: "أحبُّوا بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم"؟ هو حالٌّ في وسطنا، ويمنحنا قوَّة محبَّته، ويحفظ فينا الوصايا. فلستُ أنا بمُفردي أتعلَّق بالمَسِيْح, بل جميعنا معاً نمتلئ إلى ملء الله.

الصَّلَاة
نسجد لك يا حَمَل الله القُدُّوْس، لأنَّنا بسبب موتك نلنا الحياة الأَبَدِيّة. فاغفر لنا قلَّة إيماننا وجهلنا وشعورنا بذواتنا، كيلا يقوم بينك وبيننا أيُّ فاصلٍ. اسمح لتيَّار روحك بأن يجري بواسطتنا إلى الآخَرين، فنثبت في وحدتك مع الآب، ونراك في جميع التَّجارب، ونحيا حسب هذا الإدراك السَّامي. نشكرك لإرسالك مُعزِّينا، روح الحق الَّذي يحفظنا معاً إلى أبد الآبِدِيْن.
السُّؤَال
ما هي الصِّفات والوظائف الَّتي ينسبها يَسُوع إلى الرُّوْح القُدُس؟