Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
الثَّابتة في محبَّة الثَّالُوْث الأَقْدَس
(يوحنّا 17: 20- 26)
17:20وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هَؤُلاَءِ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكَلاَمِهِمْ.21لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِداً كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي.


ثبَّت يَسُوع تلاميذه، قُبَيْل صلبه، في محبَّة الآب وقوَّة الرُّوْح القُدُس، طالباً إلى أبيه أن يحفظهم مِن الشِّرير، ويُقدِّسهم بكلمة الإِنْجِيْل. وبعدَما تيقَّن أن أباه استجاب صلاته الَّتي رفعها لأجل الرُّسُل، ورسَّخ أساس كنيسته، نظر إلى المستقبل البعيد، فرأى جماهير كثيرةً مِن المؤمنين نابعين مِن كلام رسله. لقد جذبتهم صورة المصلوب المنتصر على الموت والشَّيْطَان والخطيئة، وبثقتهم بالمَسِيْح الحيِّ حلَّ الرُّوْح القُدُس في قلوبهم، حتَّى اشتركوا بنعمة الحياة الإلهية ومحبَّتها. فبإيمانهم اتَّحدوا بالآب والابن اتِّحاداً أَبَدِيّاً.
وصلَّى المَسِيْح لأجل الَّذين سيؤمنون على يد الرُّسُل. والعجيب أنَّه عندما صلَّى لأجلهم لم يكونوا قد وُجدوا بعد. فكلماته هذه تُثبت أنَّه صلَّى لأجلنا أيضاً، لأنَّنا مِن ضمن الَّذين آمنوا على أساس شهادة الرُّسُل. فما هو مضمون طلبته لأجلنا؟ هل صلَّى لأجل دوام صحَّتنا، أو وفرة أموالنا، أو نجاح مستقبلنا، أو الحياة الأَبَدِيّة، أو الإيمان؟ كلاَّ، بل طلب إلى أبيه أن يمنحنا التواضع والمَحَبَّة، لنصبح نحن مع جميع المَسِيْحيين الأمناء وحدةً أَبَدِيّةً، ولا نحسَب أنفسَنا أفضل مِن غيرنا، أو غير قادرين على احتمال تصرُّفات الآخَرين بعد الآن.
إنَّ هدف المَسِيْح هو وحدة جميع المؤمنين، لأنَّ الكنيسة المنشقَّة تُناقض خطَّة المَسِيْح لأجلها. وليس ثمَّة استثناءٌ لأيِّ مؤمنٍ أو كنيسةٍ مِن وحدة المولودين ثانيةً. ولكنَّ هذا الاتِّحاد الَّذي طلبه يَسُوع ليس مبنيّاً على تدابير كنسيَّةٍ، بل هو ارتباطٌ روحيٌّ في الصَّلاَة والروح والقوَّة قبل كلِّ شيءٍ، كما أنَّ اللهَ واحدٌ في ذاته. وقد طلب المَسِيْح إلى أبيه إن يضمَّ جميع المؤمنين، بدون استثناءٍ، إلى شركة الثَّالُوْث الأَقْدَس، كي نكون جميعاً محفوظين فيه.
لم يقُل يَسُوع في صلاته: "ليكونوا واحداً فيَّ"، أو "فيك"، بل "فينا". وهو بهذه الكلمة يعني وحدته الكاملة بينه وبين أبيه في الرُّوْح القُدُس. فلا تهبط بهدف محبة الله إلى أدنى ممَّا طلبه يَسُوع لأجلك. إنَّه يشاء أن يرفعك إلى مستواه، لأنَّ خارج شركة محبَّة الثَّالُوْث الأَقْدَس لا يوجد إلاَّ جهنَّم.
وغاية تثبيتنا في وحدة الله ليست إرضاء أنفسنا روحيّاً، بل أن نشهد بسلوكنا أمام النَّاس الَّذين يعيشون بعيداً عن الله، كي يُدركوا أنَّهم أموات في ضمائرهم، وأشرار في استكبارهم، وعبيد لشهواتهم؛ فيتوبوا ويرجعوا إلى مخلِّصهم الَّذي يُخلِّصهم برحمته. أمَّا أنت أيُّها المتمسِّك بالآب والابن والرُّوْح القُدُس، فستنال القوَّة لتكون متواضعاً ومحِبّاً في الحرية الرُّوحِيّة، كي تحبَّ جميع المؤمنين، وتفرح بوجودهم، وتصبح وإيَّاهم شهادةً نفيسةً لمحبَّة يَسُوع. فجميعنا أدلَّةٌ على أُلُوْهِيَّة الإنسان يَسُوع. ولو كان جميع المَسِيْحيين مَسِيْحيين أمناء، لما بقي في العالم غير مَسِيْحيين، بل لجذبَت أمانتهم ومحبَّتهم وسلامهم جميع النَّاس وغيَّرتهم. فليتنا نُتمِّم طلبة يَسُوع،ونتَّحد معاً.
هل تريد أن تظلَّ سبباً لعدم إيمان النَّاس بالمَسِيْح، نتيجة رفضك الاتِّحاد بالمؤمنين، واشتراكك في انقسام الكنيسة الَّتي هي جسد المَسِيْح؟