Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
ج: جَلْد يَسُوع، وجَلْبُه أمام المشتكين عليه
(يوحنّا 19: 1- 5)
الأَصْحَاْح التَّاسِع عشر: 1فَحِينَئِذٍ أَخَذَ بِيلاَطُسُ يَسُوعَ وَجَلَدَهُ.2وَضَفَرَ الْعَسْكَرُ إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَأَلْبَسُوهُ ثَوْبَ أُرْجُوانٍ.3وَكَانُوا يَقُولُونَ السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ وَكَانُوا يَلْطِمُونَهُ.


لقد كان على بيلاطس أن يُطلق يَسُوع حُرّاً، ويعتقل المشتكين عليه. ولكنَّه لم يفعل ذلك، بل لوى الحقَّ، وفتَّش عن حلٍّ وسَط يُرضي به اليهود ضماناً لمصلحته الشَّخصية. فأمر بجَلد يَسُوع ظُلماً. وكانت هذه العقوبة الرومانية مريعةً ومُهلكةً، لأنَّ سيور السَّوط كانت تحوي في طيَّاتها قطعاً مِن العظام والرَّصاص المُحدَّد الَّتي تفلع كلَّ ما تقع عليه، وتُسبِّب جروحاً بالغةً وآلاماً لا تُوصَف.
وإذ أخذ الجنود بأيديهم الخشنة يَسُوع البريء، ربطوه إلى عمودٍ، وظهره عارٍ، وانهالوا عليه ضرباً بسياطهم، حتَّى كشطوا جلد ظهره، فتمزَّق لحمه حتَّى الضُّلوع. ويصف كثيرٌ مِن المؤرِّخين هول الآلام المبرِّحة الَّتي كان يُعانيها المحكوم عليهم بالجَلد، حتَّى إنَّ كثيرين كانوا يقضون نحبهم أثناء جَلدهم.
وبعد أن فرغ الجنود مِن تمزيق ظهر يَسُوع بسياطهم الوحشيَّة، أخذوا يسخرون به. وكان جنود الرومان في تلك الأيَّام يعيشون في خوفٍ دائمٍ مِن عصابات اليهود، ولا يتجاسرون على الخروج ليلاً. فوجدوا في المدعو "ملك اليهود" فرصةً سانحةً للانتقام مِن اليهود تعويضاً عن أحقادهم الدَّفينة، فصبُّوا على يَسُوع جام غضبهم، وانتقموا شرَّ انتقامٍ. وركض أحدهم، وقطع بسيفه بعض الأشواك مِن الأرض، وصنع منها إكليلاً، وثبَّت إكليل الشَّوك هذا بعنفٍ على رأس يَسُوع، حتَّى انغرز بعمقٍ في رأسه، وسالت الدِّماء على وجهه. وآخَرون أتَوا برداءٍ عتيقٍ مِن لباس الضُّباط، ولفُّوه به، حتَّى امتزج لونه الأرجواني بالدِّماء المندفعة مِن رأسه ووجهه، وصار يَسُوع كلُّه كتلةً مِن الدِّماء. وفوق ذلك كلِّه، تقدَّم إليه بعضهم وصاروا يلطمونه ويضربونه بوحشيَّةٍ، وبعضهم سجد أمامه هازئاً به، ومُخاطباً إيَّاه بملك اليهود. كان هؤلاء الجنود الأمم في الواقع يُمثِّلون سائر الأُمم والشُّعوب الأوروبية، وهذا معناه أنَّ شعوب العالم كلَّها قد اشتركت عمليّاً في إهانة حَمَل الله والتَّجديف عليه.