Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
6:61فَعَلِمَ يَسُوع فِي نَفْسِهِ أَنَّ تَلاَمِيذَهُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَى هَذَا فَقَالَ لَهُمْ أَهَذَا يُعْثِرُكُمْ.62فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِداً إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلاً.63اَلرُّوحُ هُوَ الَّذي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئاً. اَلْكَلاَمُ الَّذي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ.


أدرك يَسُوع ما يجول في أذهان التَّلاَمِيْذ، فلم يؤنِّبهم على أسئلتهم، لأنَّ استفهامهم لم يكن معاندةً شأن غير المؤمنين، بل كان عدم فهمٍ لأمثلة سرِّ المَسِيْح. ولكن قبل أن يمنحهم يَسُوع المعرفة، ويحلَّ لهم ما غمض على أذهانهم مِن المَثَل، أكمل شرح خطَّة خلاصه للعالم.
فهو لن يموت لمجرَّد أن يأكلوا جسده ويشربوا دمه بالمعنى الرُّوحِيّ، بل سيصعد أيضاً إلى أبيه، من حيث نزل إليهم. فهو الآتي مِن السَّماء، ولن يبقى في دُنيانا. لقد رأوه ماشياً على أمواج البحر، وأدركوا أنه كان إنساناً فائقاً للطبيعة. فيَسُوع سيصعد إلى أبيه ليسكب روحه القُدُّوْس على أتباعه. هذه هي غاية موته، وهدف مجيئه. إنَّه لم يُعطِهم قطعةً مِن جسده ليأكلوها، بل يحلُّ في قلوب الَّذين يتبعونه، ليس بجسده المادِّي، بل بروحه القُدُّوْس الَّذي يحلُّ فينا.
أظهر يَسُوع أنَّ الجسد البشري لا ينفع شيئاً. صحيحٌ أنَّنا خُلقنا على أحسن تقويمٍ، ولكنَّ أفكارنا قد فسدت، فلا نجد في أجسادنا بعد القوَّة لحياةٍ بدون خَطِيئة. حتَّى جسد يَسُوع كان عُرضةً للضعف، إذ قال: "اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ، أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ."
نحمد الله على أنَّ يَسُوع قد حمل في جسده الرُّوْح القُدُس على الدَّوام. فكان حضور هذا الروح في جسده سِرَّ كيانه. وهو شاء أن يمنحنا هذه الوحدة بين الروح والجسد بواسطة موته وقيامته وصعوده وانسكاب الرُّوْح القُدُس في أجسادنا الضَّعيفة. وقد أعلن يَسُوع لنِيْقُودِيْمُوس سابقاً أنَّ الماء والرُّوح هما اللَّذان يُدخلان المؤمن إلى مَلَكُوْت الله، مشيراً إلى مَعْمُودِيَّة يُوْحَنَّا بالماء، والمَعْمُودِيَّة بالرُّوْح القُدُس في يوم الخمسين. أمَّا في مجال الحديث عن خبز الحياة، فأوضح المَسِيْح لتلاميذه أنَّه يحلُّ فيهم بتناول رموز العَشَاء الرَّبَّانِيّ، ليأكلوا جسده ويَشربوا دمه. علماً أنَّ تناوُل هذه الرُّموز لا يَنفعنا شيئاً إن لم يحلّ الرُّوْح القُدُس في أجسادنا عمليّاً. فالرُّوح هو الَّذي يُحيي، أمَّا الجسد فلا يفيد شيئاً. إنَّ روح المَسِيْح وحده هو الَّذي يدعم ويؤكِّد ويضمَن حضوره في المؤمنين.
كيف يحلُّ الرُّوْح القُدُس فينا؟ هذا هو السُّؤَال الجوهري الَّذي يطرحه كلّ مَن يستعدّ للاشتراك في جسد الرَّبّ ودمه كي يحيوا في وحدةٍ كاملةٍ مع المَسِيْح. يُجيب يَسُوع ببساطة قائلاً: "اسمعوا كلامي. افتحوا قلوبكم لكنز الإِنْجِيْل." إنَّ يَسُوع هو كلمة الله، وكلّ مَن يسمع كلامه ويؤمن به يمتلئ بالرُّوْح القُدُس. فاملأ مشاعرك وكيانك كلَّه بقوَّة الله، بواسطة حفظ آيات كثيرة من الكِتَاب المُقَدَّس غيباً. اتَّكِل على مواعيد الله، وتمسَّك بتأكيداته، فتُصبح أقدر مِن المكتشفين واكتشافاتهم، لأنَّ بكلمة المَسِيْح المُخلِّصة يَحلُّ خالق الكون فيك، واهباً لك حياته وسُلطانه.