Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
7:37وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ العَظِيْم مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوع وَنَادَى قَائِلاً إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ.38مَنْ آمَنَ بِي كَمَا قَالَ الْكِتَابُ تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ.


في أسبوع الفصح وعظ يَسُوع للمرَّة الأخيرة، أمام الجماهير المجتمعة في ساحة الهيكل. كانوا جميعاً ينتظرون رَئِيْس الكَهَنَة الَّذي سيسكب مِن الإبريق الذَّهبي على المذبح الماء المسحوب مِن نبع سلوان. وقد تقدَّم الكهنة في موكب الفرح والهتاف إلى الهيكل، فمزجوا الماء بالخمر، ليصبُّوا هذا الشَّراب أمام الله، تقدمة شكرٍ ورمزاً للبركة الَّتي يطلبونها مِن الخالق للسَّنة المُقبلة، مستندين بهذا التَّقليد إلى قول إِشَعْيَاء النَّبي: "فَتَسْتَقُونَ مِيَاهاً بِفَرَحٍ مِنْ يَنَابِيعِ الْخَلاَصِ."
ورأى يَسُوع القلوب العطشى الَّتي، رغم جميع الطقوس ومظاهر التَّقوى، لم تعرف الخلاص، ولم يُروِّ أحدٌ غليلها إلى البِرِّ. فنادى الجماهيرَ المنتظرة بصوتٍ عالٍ قائلاً: "تعالوا إليَّ واشربوا ماء الحياة مجَّاناً. وليُقبِل إليَّ كلُّ مَن يعطش، لأنَّني أنا ينبوع الحياة".
لقد حدَّد يَسُوع عرضه هذا، فلم يقل: "لِيُقْبِل إليَّ الجميع"، بل فقط مَن يعطش إلى الحقِّ والفرح وحضور الله. فالَّذين لا يشتاقون إلى الحياة الإلهيَّة لا يأتون إلى المُخلِّص.
أمَّا الرَّاجعون إليه، فيقول لهم: "إنَّ الَّذي يؤمِن بي، ويرتبط بشخصي ارتباط المؤمن بالله، يُصبح ينبوع بركةٍ لكثيرين. إنَّ الكِتَاب المُقَدَّس يدعوكم إلى الإيمان بي، والله القُدُّوْس يأمركم بالمجيء إليَّ كي تحيوا وتفرحوا. فكلّ مَن يجرؤ ويتقدَّم إلى يَسُوع، ويشرب كلمته، ويملأ ذاته بروحه، يتغيَّر. والَّذي كان عطشاناً يصير ينبوعاً. والأنانيُّ الشِّريرُ يصير خادماً صالحاً.
لم يقُل يَسُوع: "مَن يتَّحِد بي يخلص، ويَخدم المساكين قليلاً"، بل قال: "مَن يلتصق بي، يتفجَّر منه ينبوعٌ غزيرٌ، تجري منه أنهار مياه حياة لتُروي المساكين في صحراء عالَمنا." فهل أدركتَ عناية يَسُوع؟ إنَّه يشاء أن يجعلك بئر مياهٍ صافية، وبحر نعمةٍ للآخَرين. لا ريب أنَّ قلبك لا تخرج منه إلاَّ أفكار شرِّيرة، ولكنْ مثلما يُنظِّفُ النَّاس مسارب ينابيعهم، كي تخرج مياهٌ أغزر وأنظَف، هكذا يُنظِّفك يَسُوع قلباً وفماً، لتُصبح سبباً لخلاص كثيرين.
انتبه! لا يقصد يَسُوع أن يُطهِّر عقلك ونفسك فقط، بل جسدك أيضاً، كي تُصبح ذبيحةً حيَّةً مرضيَّةً أمام الله في خدمة الضَّالِّين. يقصد المُخلِّصُ أن يُقدِّسَك إلى التَّمام، كي لا تعيشَ لِذاتك فيما بعد، بل تستخدم عضلاتك ومواهبك وطاقاتك طَوعاً في خدمة الآخَرين. فمَن يُسلم نفسه ليَسُوع، دون قيدٍ أو شرطٍ، يجعله ربُّه بركةً لكثيرين.