Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
25 - شفاء البرص العشرة
(17: 11- 19)
17:11وَفِي ذَهَابِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ اٰجْتَازَ فِي وَسَطِ اٰلسَّامِرَةِ وَاٰلْجَلِيلِ.12وَفِيمَا هُوَ دَاخِلٌ إِلَى قَرْيَةٍ اٰسْتَقْبَلَهُ عَشَرَةُ رِجَالٍ بُرْصٍ، فَوَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ13وَصَرَخُوا: «يَا يَسُوعُ يَا مُعَلِّمُ، اٰرْحَمْنَا».14فَنَظَرَ وَقَالَ لَهُمُ: «اٰذْهَبُوا وَأَرُوا أَنْفُسَكُمْ لِلْكَهَنَةِ». وَفِيمَا هُمْ مُنْطَلِقُونَ طَهَرُوا.15فَوَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمَّا رَأَى أَنَّهُ شُفِيَ، رَجَعَ يُمَجِّدُ اٰللّٰهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ،16وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ شَاكِراً لَهُ. وَكَان سَامِرِيّاً.17فَقَالَ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ اٰلْعَشَرَةُ قَدْ طَهَرُوا؟ فَأَيْنَ اٰلتِّسْعَةُ؟18أَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْجِعُ لِيُعْطِيَ مَجْداً لِلّٰهِ غَيْرُ هٰذَا اٰلْغَرِيبِ اٰلْجِنْسِ؟»19ثُمَّ قَالَ لَهُ: «قُمْ وَاٰمْضِ. إِيمَانكَ خَلَّصَكَ».


المسيح يسوع هو المخلّص القويّ، الّذي ينظّم العالم الخرب بنظام حكيم. وينشئ ملكوت السماوات على الأرض. ولم يدرك أتباعه هدفه العالمي آنذاك، ولكنّهم شعروا بأنّ تيّار قوّة الله خرج مِن الناصري. فأقام موتى، وهدّأ العاصفة وأبرأ البرص، وأهدى رحمته لكلّ المساكين، الّذين التجأوا إليه. وَصِيْتَهُ عمّ إلى البريّة، حيث كان يسكن عشرة رجال مِن البرص مطرودين مِن أمّتهم. فعاشوا على الحدود بين الجليل والسامرة، وكان أحدهم سامريّاً محتقراً. ولكن الضيق المشترك وحّدهم رغم الفارق الجنسي الّذي يباعد بينهم.
ولمّا سمعت هذه الفرقة البائسة، أنّ يسوع سيمر قريباً منهم، ذهبوا إلى مطلّ، ليقدروا أنْ يروه، ويدعوه مِن بعيد، دون أنّ ينزعج الجمهور التابع له. وتحوّل رجاؤهم إلى شوق حارّ وثقة ثابتة، فوضعوا كلّ قلوبهم في صرختهم لما نادوا: يا يسوع ارحمنا. هل تعرف هذه الصرخة في قلبك؟
ما دعا أحد يسوع باهتمام ليعطيه رحمة إلاّ واستجاب له. وعملاً بهذا المبدأ وقف يسوع، ونظر إلى اليائسين، ورأى إيمانهم المضطرب. فناداهم بجملة غريبة واحدة فقط: اذهبوا، وأروا أنفسكم للكهنة. لم يقل المسيح لهم، كونوا أبرياء أصحاء، بل اذهبوا وآمنوا بي وبكلمتي. فتختبروا شفاءكم تدريجياً بمقدار إيمانكم. فانطلقت هذه الفرقة ببطء ورجاء، وتجاسروا، متّكلين على كلمة المسيح. وخافوا مِن الاستهزاء وعقوبة الجماهير. ولكن بينما هم يشرعون بالذهاب، ابتدأ الشفاء فيهم. وبمقدار تقدّمهم تجدّد جلدهم، ونمت أصابعهم المفقودة، فركضوا وتهللوا. واختبروا أنّ إيمانهم بالمسيح قد شفاهم. وهذه الأعجوبة كانت معجزة، لأنّ عشرة رجال شفوا دفعة واحدة، وتجدّدوا بيسوع المسيح.
وأسرعوا إلى الكهنة، ليحصلوا على ورقة تثبيت شفائهم، فيتاح لهم الرجوع إلى أقربائهم وأمّتهم. أمّا واحد فَهِمَ ففكّر خلاف تفكيرهم. وهذا كان السامري الغريب، الّذي أدرك تدريجياً، أنّ عجيبة إلهيّة قد تمت فيه. فأدرك أنّ الناصري ليس إنساناً عادياً، بل هو الله بالذات. فلمّا استيقن مِن هذا، التفت فوراً، وركض نحو يسوع، متهلّلاً لغفران خطاياه وشفائه الكامل. فلم يأت إلى الكهنة أولاً، ولم يخف مِن رجوع المرض إليه لأجل عدم إطاعة أمر المسيح، بل أراد أنّ يرى مخلّصه ويشكره. ولما وصل إلى الناصري خر أمامه وسجد له. واعترف بهذا بتسليمه الكامل، كانه يقول: أنت يا سيد ربّي، وأنا خاصّتك، اعمل بي ما شئت. فشكره كان تسليمه الكامل.
ولم يرفض يسوع سجود الإنسان، ولا تقدمة ذاته، ولا شكره العظيم، لأنّ المسيح هو إله حقّ مِن إله حقّ، مستحقّ أنْ يأخذ السجود والكرامة والمجد. ولم يتكبّر يسوع لأجل هذا الإكرام ونجاحه في الدنيا، لأنّه كان متواضع القلب. وبالأحرى فقد كان في قلبه حزن كبير، لأنّ واحداً مِن العشرة فقط، وهو ذلك الغريب الجاهل، قد أدرك مَن هو يسوع. ونسي نفسه، وجاء إليه، وأكرمه بسجوده وصلاته. فاستفهم يسوع أين اليهود التسعة، الّذين لم يشكروه لعونه؟ كانوا غرقى في الفرح، فنسوا الشكر. إنّ التماسنا مِن الله هيّن، والاستجابة أكيدة، بل فرح عظيم. أمّا الشكر فقليل. ونجد في العالم سببين يدعوان للتعجّب: محبّة الله الدائمة رغم عدم شكر البشر. ومثل ذلك، عدم شكر العباد المستمرّ رغم محبّة الله المباركة.
وخاطب يسوع الساجد شخصيّاً: إيمانك خلّصك. وهذه الكلمة لا تدلّ على عقيدة السامري الناقصة، بل على ارتباطه القلبي مع يسوع، بواسطة الأمل والثقة وتجاسر الإيمان، واختبار قوّة الله وشكر حمده في تسليمه الكامل. فالمسيح أكّد لهذا الرجل الخلاص الكامل لأنّه تأكّد مِن محبّة الله. ولم يكن هذا الأبرص صالحاً في نفسه بل كان رمزاً لكلّ نجاسة. ولم يأت بذبيحة أو أعمال صالحة لانقاذه، إلاّ اتّكاله على يسوع. فاختبر قوّة كلمة الله العاملة في كلمات الناصري. هكذا ننصحك أنْ تتعلّق بيسوع. وتشكره لكلّ عطاياه، فتمتلئ قوّة وفرحاً وغبطة. ولا تبقَ غير شاكر، بل اشكر، وتأمل جيداً بكل استجابة لصلواتك، والحصول على النّعم مِن الله، لئلاّ تكون فاقداً مزيّة الشكر. احمد ربّك مِن كلّ قلبك، ولا تتباطأ بتسبيحه.

الصَّلَاة
أيّها الآب السماوي، نشكرك لأنّك بذلت ابنك الوحيد لأجلنا لنصبح نحن الغير شاكرين صالحين للشكر. نسجد لك ونسلم ذواتنا بين يديك، الآن وإلى الأبد. ونعترف أنّ يسوع المسيح إله حقّ وروحه يحلّ في قلوبنا. احفظنا لتصبح حياتنا كلّها حمداً لنعمتك.
السُّؤَال
ما هو شكر المشفي بنسبة إيمانه؟