Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
2:15وَلَمَّا مَضَتْ عَنْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، لِنَذْهَبِ الآن إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هَذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الّذي أَعْلَمَنَا بِهِ الربّ.16فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ، وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعاً فِي الْمِذْوَدِ.17فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكلاَمِ الّذي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هَذَا الصَّبِيِّ.18وَكلّ الّذينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا ممّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ.19وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هَذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا.20ثُمَّ رَجَعَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللَّهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كلّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ.


ولمّا تضاربت واشتدّت أمواج الليل الدامس حول البدو، لم تدخل الظلمة إلى قلوبهم، لأنّ كلمة الله جعلت نور الرجاء فيهم. وقد رأوا أمجاد السماء وسمعوا بشرى الخلاص مِن أفواه الملائكة.
فقفز الرعاة وركضوا مسرعين. وربّما تعثّروا أثناء السير بالحجارة في الليل، واستمرّوا منطلقين إلى بيت لحم، وتساءلوا وبحثوا حتّى وجدوا يسوع. وعندئذ لم يروا إلاّ مذوداً حقيراً، وأقمطة عاديّة، وطفلاً في اسطبل، مع الحيوانات، وامرأة بسيطة ورجلاً فقيراً. ولم يروا ملائكة ولا مجداً ولا حالة تدل على الرفاهية أو الألوهية، بل شمّوا رائحة الخراف نفسها الّتي عندهم.
فجثوا عند ذلك خاضعين وأدركوا أنّ الله قد جاء إلى الدّنيا، وخصوصاً إليهم، هم الرعاة المحتقرين الجهلاء. وكانوا مِن الأولين الّذين رأوا الطفل، الّذي يغيّر العالم. ولم يتأخّروا عن أن يؤمنوا بكلام الملاك فرأوا الملك في المذود وأدركوه رغم الأحوال المفتقرة.
وأنت أيّها الأخ، هل سمعت دعوة الربّ، وأدركتها تماماً؟ فتمسّك بها وأتمّها. عندئذ تلتقي بربّك شخصيّاً، وتجده وترى أنّه وديع ومتواضع القلب. ويجعلك متواضعاً فترى راحة لنفسك.
ولمّا جثا الرعاة أمام ربّهم في شكر الإيمان، شهدوا بفرح عظيم بما شاهدوه في الحقول. وهكذا تعجّب كلّ السامعين، وخصوصاً مريم ويوسف، اللّذان حصلا بواسطة هذا الخبر مرّة أخرى على تثبيت إلهي لإطاعة إيمانهما. ولم تتكلّم مريم بشيء، بل سمعت وآمنت وفكّرت وقارنت أسماء ابنها المعلنة الجديدة، مع الألقاب المسمّى بها سابقاً. وحفظت جواهر الرّوح القدس هذه في قلبها. ولربّما أخبرت شخصيّاً لوقا الطبيب بهذه الحوادث، الّتي تفرّد بكتابتها. وصار بذلك الناطق والبوق المعبر عن أخبار مريم.
ولما غادر الرعاة الاسطبل ملأوا القرية بأخبارهم العجيبة. فكان استغراب أهلها عجباً، وظنّوا أنّ ذلك مِن تخيّلات الرعاة. فلم يعيروا الأمر اهتمامهم، ولم يكن لديهم رغبة أو وقت لزيارة الاسطبل. خصوصاً لكثرة الأشغال والطمع بكسب المال، مِن السياح المزدحمين والمالئين كلّ البيوت. ولهذا لم يركض أهل بيت لحم إلى المذود، ولم يسجدوا للملك، الّذي هو في وسطهم. ولم يأت مختار القرية إلى المسيح ولا التجّار والوجهاء، ولا المعلمون، ولا الصبيان، ولا الأمّهات. ليس مِن أحد طلب أحد يسوع. الكلّ انشغلوا بكسب النقود، وخدموا المال. فبقوا في ظلماتهم عمياناً.
أمّا الرعاة فأداروا للناس السطحيين ظهورهم ومضوا معظّمين ومسبّحين الله، وراجعين إلى مقرّهم على الأكمة وانطلقوا راجعين إلى قطعانهم، وهم يسبّحون الله ويرتّلون له. لقد سمعوا كلمته وآمنوا بها، ورأوا الموعود وأكرموه وشهدوا له. فعظّموا الله، وثبتوا في النّعمة.
ما هو موقفك ومَن تشبه في هذه القصّة يا أخي القارئ؟ أما زلت في ليل الخطايا كما كان الرعاة، قبل أن يظهر لهم الملاك؟ هل لا زلت أيضاً سطحيّاً كأهل بيت لحم، عند سماعهم بشرى الخلاص؟ أو أنّك سمعت كلمة ربّك الحيّة، فآمنت بها وركضت وأسرعت إلى محور العالم، ووجدت المسيح حيّاً؟ عندئذ يملؤك بسلامه، ويرسلك إلى العالم لتصبح شاهداً لتواضعه. فهل تشهد لمحبّة الله المتجسّدة بين النّاس؟ وهل تعظّم أبا ربّنا يسوع المسيح. هل أصبحت راعياً تشهد لغنى نعمة الله؟ عظّم أباك السماوي بإيمانك وأمانتك لأنّه وُلد لك اليوم المخلّص، الّذي هو المسيح الربّ. فهل تؤمن به مسلّماً ذاتك له، شاكراً مهلّلاً؟

الصَّلَاة
نهتف إليك، أيّها الملك المولود في اسطبل. ونشكرك لوصولك إلى اتضاعنا. إدفعنا بروحك القدّوس إليك، واملأنا بشكر فرحك، لكي نسلّم تيّار قوّتك إلى الآخرين ولا نحبّ المال بل نلتصق بك مؤمنين ساجدين.
السُّؤَال
ماذا يعني لنا تحرك الرعاة إلى المذود وانطلاقهم منه إلى العالم؟