Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
10 - العظة على جبل الزيتون عن المستقبل المهلك
(21: 5-38)
21:5وَإِذْ كَان قَوْمٌ يَقُولُونَ عَنِ اٰلْهَيْكَلِ إِنَّهُ مُزَيَّنٌ بِحِجَارَةٍ حَسَنَةٍ وَتُحَفٍ قَالَ:6«هٰذِهِ اٰلَّتِي تَرَوْنَهَا، سَتَأْتِي أَيَّامٌ لا يُتْرَكُ فِيهَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لا يُنْقَضُ».7فَسَأَلُوهُ: «يَا مُعَلِّمُ، مَتَى يَكُونُ هٰذَا ومَا هِيَ اٰلْعَلامَةُ عِنْدَمَا يَصِيرُ هٰذَا؟»8فَقَالَ: «اٰنْظُرُوا! لا تَضِلُّوا. فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاٰسْمِي قَائِلِينَ: إِنِّي أَنَا هُوَ، وَاٰلّزَمَان قَدْ قَرُبَ. فَلا تَذْهَبُوا وَرَاءَهُمْ.9فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحُرُوبٍ وَقَلاقِلٍ فَلا تَجْزَعُوا، لأَنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هٰذَا أَّوَلاً، وَلٰكِنْ لا يَكُونُ اٰلْمُنْتَهَى سَرِيعاً».10ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ،11وَتَكُونُ زَلازِلُ عَظِيمَةٌ فِي أَمَاكِنَ، وَمَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ. وَتَكُونُ مَخَاوِفُ وَعَلامَاتٌ عَظِيمَةٌ مِنَ اٰلسَّمَاءِ».


ترك يسوع الهيكل، الّذي اعتبره اليهود محور العالم، ومسكن الله الفريد. وهذا البيت المقدّس العتيق. بني لأوّل مرّة سنة 968 ق م، خلال سبع سنوات مِن حكم الملك سليمان الحكيم، الّذي اختار البيدر المرتفع فوق قمّة جبل أورشليم، ليؤسّس عليه الهيكل، الّذي ارتفع كتاج فوق القدس.
وفي سنة 587 ق م، أحرق جنود نبوخذ نصر الهيكل الأوّل. ولكن بعد رجوع الشعب مِن السبي البابلي، عادوا وبنوه في سنة 520 إلى 516 ق م بطريقة بسيطة بإشراف زربابل ويشوع. وفي الأزمنة التالية قامت حول مركز الحضارة اليهودّية هذا معارك هائجة، وسلب الجنود المهاجمون كلّ الأدوات والأواني والكنوز الثمينة، إلى أنْ قام الملك هيرودس أخيراً، في نصف القرن الأخير قبل الميلاد، ووسّع المساحة الّتي للحرم الشريف ضعفين. وجدّد بناء الهيكل بطريقة فخمة جديدة، حتّى أنّ القيصر أوغسطوس في روما تبرّع بأوان مقدّسة تكريساً للمعبد.
وهذا الهيكل الثالث، كان منبسطاً مرئيّاً أمام يسوع وتلاميذه، لمّا جلسوا على جبل الزيتون، المشرف على المدينة المقدّسة، الّتي يتضمن محورها الهيكل العظيم. فخاطب يسوع التلاميذ: أنْتم ترون حجارة بهيّة مغطّاة ومطلية بالذّهب، وتفكّرون بقداسة المكان وقوّته المشعّة إلى كلّ العالم. أمّا أنا فأبصر في هذه الساحة الواسعة، قلوب النّاس النّجسة. إنّهم أشرار وأموات في الذنوب، يشبهون جثثاً متجوّلة. فدينونة الله تسطو عليهم قريباً، وهيكلهم يسقط حتماً إلى الدّمار. فإنّ الله لا يسكن في بيت مصنوع بأيدي النّاس، بل يتمركز في قلوب الّذين يحبون المسيح.
وهذا الإعلان، عنى للتلاميذ نهاية العالم، وزوال الذبائح، وعدم المصالحة مع الله على طريقة العهد القديم. وكانوا قد رجوا كلّ الرجاء، أنّ يبقى يسوع عندهم ملكاً إلهيّاً إلى الأبد. وينشئ ملكوت الله في أورشليم، لتتراكض الشعوب كلّها إلى العالم. ولكن يسوع خاطبهم بتدمير هذا البيت المتلألئ تدميراً كاملاً، عالماً أنّه ينبغي إزالة القديم، تمهيداً للهيكل الرّوحي الجديد، الّذي يتألف مِن جميع القدّيسين، في كلّ الأزمنة والأمكنة، ولن يزول لأنّه مؤسّس على المسيح، ومركّب فيه مسكناً لله الحي.
ولمّا سمع التلاميذ هذه الكلمات المخيفة، ارتجفت قلوبهم وسألوا المسيح بارتعاب، متَى وكيف تأتي نهاية العالم هذه؟ فأرادوا ضمان أنفسهم، وتدبير ذواتهم، ليتخلصوا، ولا يأكلّهم السيف الآتي مِن الله، ليبتلع شعبهم. إنّما المسيح بالحقيقة لم يخف على تلاميذه مِن الموت بل مِن إمكانيّة التّجربة والسقوط في الضلال والخطايا. فلم يجاوبهم أولاً، متَى وكيف يزول عالمهم، بل طعّم أتباعه ضد تجربة ظهور الأرواح المتظاهرة بالتقوى وطفُو المثُل الخاطئة، لكيلا ينضجوا أيضاً لدينونة الله العادلة. فشهد يسوع بموته مسبقاً، وأنّه يأتي وراء وقبل مجيئه الثاني مضلّون كثيرون، يقدّمون للعالم أكاذيب ودعايات برّاقة، ليخلّصوهم كذباً، ويفدوهم أشراراً. فالمسيح يحذّرك قبل كلّ شيء وبشدّة إلهيّة، ألاّ تستسلم لفيلسوف، أو حلم، أو فكر، أو دين، أو حزب. ولا تتكل على قواهم الهائلة، حتّى ولو قامت مِن بين الأموات أرواح قائلة: أنا هو المسيح المصلوب. وظهروا للساجدين متبلورين بأشعة متلألئة، كمعلقين على الصليب. لا تؤمن بالنبّي الكذّاب، لأنّ الربّ يسوع المسيح ليس مصلوباً اليوم، بل يجلس عن يمين الله في العظمة. هذا هو الحقّ اليقين. وسيأتي المسيح الحقّ في مجد عظيم جليّاً لقلوبنا، ولا يمكن أنْ نشك أو نخطئ بإدراكه ومعرفة شخصيته.
ولكن قبله، يأتي إبليس، ويفتح بئر جهنّم. فتتفجّر أرواح مستكبرة، خالقة البغضة والقتل والحسد والثورات، حتّى يقوم شعب على شعب، ويتّهم كلّ إنسان غيره، ويهجم عليه لإبادته. فبهذه الجملة الصغيرة، وصف يسوع روح وتاريخ عالمنا بصواب. وهكذا فإنّ زوبعة جهنّم ستلقي النّاس جماعات وملايين إلى الهلاك. وماكينات الجحيم ستكنّس ملايين إلى مزبلة الشيطان. فلا بدّ مِن حروب عالميّة فتّاكة، لأنّ العالم كلّه وضع في الشرّير.
والزلازل والهزّات هي رمز لعدم يقين وثبات كرتنا الأرضية المترجرجة في لبّ داخلها مِن إتيان ابن الله. ونرى اليوم كيف أخذ الشيطان أكثر فأكثر يلقي الجوع والأوبئة على الأرض، لكي ينسى النّاس الله أو يلعنوا الخالق. فيبيد الشرّير الجماهير الكافرة في ضعضعتها، ويقود الشرّ إلى خوف عميق، وإلى تجديف وإلحاد ضد الله. وكذلك سيصنع عدو القدّوس عجائب باهرة، وآيات خارقة، كأنّها آتية مِن السماوات، ويتبلور كملاك النّور أمام المندهشين ويلهم المؤمنين به مخترعات بنتائج فظيعة. ويهيّء المخلوقات إلى ظهور الإنسان المتفوّق، الّذي تلتمع فيه ثورة الفانين ضدّ الله الحي.
وكلّ هذه المخاوف والضيقات والعجائب ينبغي أنْ تأتي قبل مجيء المسيح الثاني المتأخّر، لأنّ البشر قد تركوا الله، ولم يكتفوا بالإنجيل الشريف. فأسلمهم الله إلى الشياطين، يتلاعبون بهم ككرات القدم. فتتضعضع الأمم، لأنّ الربّ أسلم السطحيين إلى شهوات قلوبهم، ليهلكوا أنفسهم بأنفسهم. فإنّ تاريخ البشر غير المؤمنين هو كفيلم سينمائي لغضب الله، الّذي فيه نرى الشيطان يغربل الشعوب، ويحرّضها على الهلاك العام، وهو واقف مبتسم يسخر منها.

الصَّلَاة
يا ربّنا يسوع أنت الملك. احفظنا مِن الاندهاش والتعجّب أمام الأبنية الفخمة والنّاس العباقرة المقتدرين والأرواح المتلألئة والعجائب المضلّة. أنت وحدك مستحقّ سجودنا وتسليمنا، إيّاك ننتظر، وإيّاك نحبّ. قد غفرت آثامنا. وتقدّسنا لمجيئك الثاني، وتحفظنا مِن الغضب الآكل حفظاً أبديّاً.
السُّؤَال
ما هو هدف جواب يسوع بخصوص زوال العالم؟