Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
التفرقة نتيجة التبشير
(10: 34- 39)
10:34لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. (ميخا7:6، لو12:51-53)


يسوع رئيس السلام وأتباعه صانعو السلام. نقرأ في الإنجيل حوالي 100 مرة كلمة «السلام» الفائقة لكل عقل. فكيف يقول يسوع في خطابه إنه جاء لإلقاء السيف على الأرض لا السلام؟
هذا يعني:
أولاً أن كل من يدخل الكفاح العنيف ضد الخطيئة، يموت عن نفسه وينكر طلبات مجده. فلا تستطيع أن تخدم الله وذاتك في نفس الوقت. إما أن تُبغض الأول وتلتصق بالثاني. أو تحب الأول وتنفصل عن الآخر. فيسوع يريد تجنيد إرادتك لكي تعزم ترك خطيئتك في قوة ربك.
ثانيا: يعني حمل سيف يسوع أننا لا نستعمله لإبادة أعدائه، لأنه لم يأخذ سيفاً في يده، ولم يسفك دماً ولا مرة. من يتعمق في أعمال الرسل، لا يقرأ حرفاً واحداً عن معركة بين أهل ملكوت الله واليهود من جهة، أو الأمم من جهة أخرى. إنما هذا السفر التاريخي يشهد لنا أن سلطات العالم، ولإرضاء المتدينين والمتعصبين، استخدمت السيف ضد أعضاء الكنائس.
أما المسيح فلم يسمح بالقتل أو بسفك الدماء، فليس ديننا قائم على السيف، بل على المحبة والإحترام. كل مسيحي يخالف هذا المبدأ يُدان. لم يتجنب يسوع كفاحاً، إنما أعد التلاميذ للعنف والجهاد الصارم ضد الأرواح الشريرة، حتى لا يهربوا إذا حمي وطيس الحرب أثناء الجهاد الروحي. وكتب الرسول بولس "سنغلب حصون الشر بالإيمان والمحبة" ونطلب من الرب أن يدمر هذه الحصون بشكل نهائي، وذلك لما تخلفه من سيئات ومصائب على الناس.
دُعي رجل الدين المشهور "سبرجن" باستهزاء واحتقار من طرف أحد رجال الفن، للقيام بافتتاح مسرحية إباحية. لبى القس الدعوة مرتدياً لباسه الرسمي كرجل دين، عندما همَّ الحضور الشروع في مراسيم الإفتتاح، قام القس من مكانه موجهاً كلامه للمجهور قائلاً: أيها الحضور، دعيتموني لحضور الإفتتاح، فلبيت دعوتكم، لذا أرجو أن تسمحوا لي بأن أفتتح هذا الإجتماع بالصلاة" بُهت الجمهور، وأخذوا يتطلعون في بعضهم البعض، مستغربين من هذا الطلب. أما القس، فلم يعرهم أي انتباه أو خالجه تردد لما يريد القيام به، فصلى قائلاً: يارب، إنك حاضر في كل مكان، ترى هؤلاء ماذا يريدون أن يفعلوا، فأطلب منك أن تتدخل بقوتك وتوقف هذا العمل الجنوني، لكي لا يتمادو فينشروا هذه الخطيئة في مجتمعنا بين الشباب والكهول، ثم ختم صلاته بـ"آمين يارب" فسلم على الجميع وانصرف.
بعد سنة من صلاته، حدث سوء تفاهم واختلاف حاد في وجهات النظر بين المسؤولين عن المسرح، فأُقفل المسرح، وتوقف هذا العمل بصفة نهائية.
فأين رجال الدين اليوم من "سبرجن"، الذين لا يتحركون ساكناً من هذه البرامج الخلاعية، سواء في التلفزيون أو في دور السينما، بل نجد البعض منهم يشاركونهم احتفالاتهم ومناسباتهم، بدواعي الإنفتاح على الغير والعصرنة، متناسين دورهم الذي أوكله إياهم الرب، عندما قال: "أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ" (متى5: 13).
كانت معظم كلمات المسيح في عظاته لتجهيز رسله واستعدادهم على كيفية الرد الشفهي واحتمال ضربات الهجوم. فالسيف عند المسيح رمز لمحاربة قوى الشر التي تهدد وترغب في السيطرة والسيادة على الإنسان.
اعتقد اليهود أن المسيح أتى ليهب لأتباعه ثروة وقوة في هذا العالم، لكن المسيح أجابهم: كلا، فإني ما جئت لألقي سلاماً أرضياً، أما السلام السماوي فتيقنوا أنه يوهب لكم. جاء المسيح ليهبنا سلاماً مع الله، سلاماً مع ضمائرنا، سلاماً مع إخوتنا، ولكن "في العالم سيكون لكم ضيق".