Skip to content

Commentaries
Arabic
رومية
  
1:26لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ، لأَِنَّ إِنَاثَهُمُ اسْتَبْدَلْنَ الاِسْتِعْمَالَ الطَّبِيْعِيّ بِالَّذي عَلَى خِلاَفِ الطَّبِيعَةِ،27وَكَذَلِكَ الذُّكُورُ أَيْضًا تَارِكِينَ اسْتِعْمَالَ الأُنْثَى الطَّبِيْعِيّ اشْتَعَلُوا بِشَهْوَتِهِمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَاعِلِينَ الْفَحْشَاءَ ذُكُورًا بِذُكُورٍ وَنَائِلِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ جَزَاءَ ضَلاَلِهِمِ الْمُحِقَّ.28وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ


كتب بُوْلُس العبارة المرعبة "أَسْلَمَهُمُ اللهُ" ثلاث مرَّاتٍ في الأَصْحَاح الأوَّل. وهذه العبارة تتضمَّن في معناها الحسم والغضب والدَّرجة الأولى مِن الدَّيْنُوْنَة. فويلٌ للَّذين أسلمهم الله إلى سُلطة الشَّر، لأنَّهم قد سقطوا مِن عناية ضابط الكلِّ حمايته.
ويتجلَّى هذا الانفصال عن الله في استعار القلوب بالشَّهوات الدَّنسة، وامتلاء العقول بالأفكار الإلحاديَّة، فينساقون كالبهائم وراء شهواتهم، ولا يفكِّرون إلاَّ في إشباع رغباتهم الجسديَّة. فالإنسان الَّذي لا يَسكن الرُّوْح القُدُس قلبه، ويضبط جسده وشعوره الباطني على الدَّوام، يتحوَّل إلى فاجر، حتَّى وإن لبس قناع الأدب والتَّهذيب.
ونجد اليوم في عصر مساواة المرأة بالرَّجل نساءً يزعمنَ أنَّ لهنَّ الحقّ في إشباع رغباتهنَّ الجنسيَّة بالاستغناء عن الرَّجل. كما تدعو بعض المؤسَّسات إلى إباحة اللواط والمثلية كي لا يتكاثر النسّل في الدُّنيا. أمَّا بُوْلُس فيعتبر جميع الَّذين يستسلمون لغرائزهم بالطُّرق المنافية للطَّبيعة مُسلَّمين إلى خداع النَّفس تحت غضب الله.
وهؤلاء جميعاً يحملون ضرراً بالغاً، وعقداً ملتوية في أنفسهم، وخراباً في أذهانهم، لأنَّهم ليسوا بعد أُناساً طبيعيِّين، بل هم يحلمون ويفعلون ما لا يُريدون. إنَّ مَن يعمل الخطيئة هو عبدٌ للخطيئة، ومَن لا يَثبُت في نظام الله يرسف في قيودٍ وارتباطاتٍ شيطانيَّةٍ تُبعده عن ربِّه حتَّى تفصله نهائيّاً عنه.
إنَّ سبب تداعي الحضارة عميقٌ. وإنَّ جوهر الشَّر ليس الشُّذوذ الجنسيَّ في حدِّ ذاته، بل هم الفاسدون المُفسدون الَّذين لم يشاءوا إبقاء الله في ذاكرتهم، بل أحبّوا أنفسهم والعالمَ أكثر مِن الله، ولذلك سقطوا مِن النَّجاسة إلى الفحشاء. ومَن يقرأ شهادات من أناس خلَّصهم المَسِيْح، يُدرك سريعاً أنَّهم كانوا قبل خلاصهم بعيدين عن الله. ونتيجةً لعدم إيمانهم، استُعبِدوا لكلِّ ضلالٍ جنسيٍّ، ونجاسةٍ قبيحة. ولكنَّ المَسِيْح، عندما وجدهم، منحهم الغُفْرَان والتَّطهير والتَّجديد والتَّعزية والقوَّة والرَّجاء والفرح.
أمَّا مَن يتعمَّد البقاء بعيداً عن الله، ويُقاوم جذب الرُّوْح القُدُس له إلى التَّوبة والفداء، فيحصل على ذهنٍ مرفوضٍ. ليس ثمَّة حكمٌ على إنسانٍ أشدّ وطأةً مِن العبارة "مرفوض" الَّتي تختصر غضب الله على ذلك الإنسان، لأنَّ مَن يَرفضه الله لا يقدر أن يرجع إليه، فالرُّجوع يحتاج إلى تغيير الذِّهن. وكلمة "التوبة" في اللغة اليُوْنَانِيّة تعني "تغيير الذِّهن". فالله يريد انقلاباً ذهنيّاً فينا حتَّى يَقبلنا ويُجدِّدنا.
فما هي حالة قلبك، عزيزي القارئ؟ وهل ذهنك مفتوحٌ لروح الله وخَلاصه وطهارته، أم أنت ممَّن يعيشون بلا مبالاةٍ، ويبتعدون عن الله بأذهانهم الشِّريرة؟ ارجع ما دام الوقت يُدعى اليوم، واطلب مِن ربِّك أن يُنقِّي شعورك الباطني ويُغيِّر قلبك. لا تسمح بأن يبقى ماضيك نجساً، فربُّك يشفيك، ويغفر لك ويُطهّرك. وهو وحده القادر أن يحلّك مِن جميع ارتباطاتك الماضية وشهواتك النَّجسة، إن أردتَ ذلك مِن كلّ قلبك. إنَّك لا تستطيع أن تُخلِّص نفسك بنفسك أبداً، إلاَّ بالإرادة، والتَّصميم، والطَّلب إلى الرَّب، وقبول خلاصه. وهو مستعدٌّ دائماً ليُنَجِّيْك.

الصَّلَاة
أيُّها الإله القُدُّوْس، أنت تعرفني، وكلُّ فكرٍ مِن أفكاري مكشوفٌ أمامك. وتَعرف ماضِيَّ، وكلَّ إنسانٍ أخطأتُ إليه. اغفر لي شهواتي، وطهِّر شعوري الباطني. اجذبني إلى كلمتك لأُحبَّك. لا أريد أن أخطئ فيما بعد. فاخلق فيَّ إرادةً ثابتةً كي أنال حُرِّيَّتي على يدك. خلِّصْني مِن ذهني المرفوض، ومِن جسدي الفاسد. أنتَ طبيبي ومُخلِّصي. عليكَ اتِّكالي.
السُّؤَال
كيف صوَّر بُوْلُس ظهور غضب الله؟